النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَتَكُونَ لَهُمۡ قُلُوبٞ يَعۡقِلُونَ بِهَآ أَوۡ ءَاذَانٞ يَسۡمَعُونَ بِهَاۖ فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَلَٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ} (46)

قوله عز وجل : { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا } هذا يدل على أمرين : على أن العقل علم ، ويدل على أن محله القلب .

وفي قوله : { يَعْقِلُونَ بِهَا } وجهان :

أحدهما : يعلمون بها ، لأن الأعين تبصر والقلوب تصبر .

{ أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } أي يفقهون بها ما سمعوه من أخبار القرون السالفة .

{ فَإنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي في الصُّدورِ } يحتمل عندي وجهين :

أحدهما : أنها لا تعمى الأبصار عن الهدى ولكن تعمى القلوب عن الاهتداء .

والثاني : فإنها لا تعمى الأبصار عن الاعتبار ولكن تعمى القلوب عن الادّكار .

قال مجاهد : لكل إنسان أربع أعين : عينان في رأسه لدنياه ، وعينان في قلبه لآخرته ، فإن عميت عينا رأسه وأبصرت عينا قلبه لم يضره عماه شيئاً ، وإن أبصرت عينا رأسه وعميت عينا قلبه لم ينفعه نظره شيئاً .

قال قتادة : نزلت هذه الآية في ابن أم مكتوم الأعمى وهو عبد الله بن زائدة .