وقوله تعالى : { أفلم يسيروا } أي : كفار مكة { في الأرض } يحتمل أنهم لم يسافروا فحثوا على السفر ليروا مصارع من أهلكهم الله تعالى بكفرهم ويشاهدوا آثارهم فيعتبروا ، وإن يكونوا قد سافروا ورأوا ذلك ولكن لم يعتبروا ، فجعلوا كأن لم يسافروا ولم يروا { فتكون } أي : فتسبب عن سيرهم أن تكون { لهم قلوب } واعية { يعقلون بها } ما رأوه بأبصارهم مما نزل بالمكذبين قبلهم { أو } أي : أو يكون لهم إن كانوا عمي الأبصار كما دل عليه جعل هذا قسيماً { آذان يسمعون بها } أخبارهم بالإهلاك وخراب الديار فيعتبروا { فإنها } أي : القصة { لا تعمى الأبصار } ويجوز أن يكون الضمير مبهماً يفسره الأبصار وفي تعمى راجع إليه ، والمعنى أنّ أبصارهم صحيحة سالمة لا عمى فيها ، وإنما العمى لقلوبهم كما قال تعالى : { ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } ولا يعتد بعمى الأبصار ، فإنه ليس بعمى بالإضافة إلى عمى القلوب .
فإن قيل : فأي فائدة في ذكر الصدور ؟ أجيب : بأن الذي قد تعورف واعتقد أنّ العمى على الحقيقة للبصر ، وهو أن تصاب الحدقة بما يطمس نورها واستعماله في القلب استعارة وتمثيل ، فلما أريد إثبات ما هو خلاف المعتقد من نسبة العمى إلى القلوب حقيقة ونفيه عن الأبصار احتاج هذا التصوير إلى زيادة تبيين وفضل تعريف ليتقرّر أنّ مكان العمى هو القلوب لا الأبصار ، كما تقول : ليس المضاء للسيف ولكنه للسانك الذي بين فكيك ، فقولك : الذي بين فكيك تقرير لما ادّعيته للسانه وتثبيت ؛ لأن محل المضاء هو لا غير ، فكأنك قلت : ما نفيت المضاء عن السيف وأثبته للسانك فلتة ولا سهواً مني ولكن تعمدت به إياه بعينه تعمداً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.