معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَمَنۡ أَحۡسَنُ دِينٗا مِّمَّنۡ أَسۡلَمَ وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ وَٱتَّبَعَ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۗ وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبۡرَٰهِيمَ خَلِيلٗا} (125)

وقوله : { وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً . . . }

يقول القائل : ما هذه الخُلَّة ؟ فذُكِر أنّ إبراهيم صلى الله عليه وسلم كان يضيف الضيفان ويطعم الطعام ، فأصاب الناس سنةُ جدب فعزَّ الطعام . فبعث إبراهيم صلى الله عليه وسلم إلى خليل له بمصر كانت المِيرة من عنده ، فبعث غلمانه معهم الغرائر والإبل ليميره ، فردّهم وقال : إبراهيم لا يريد هذا لنفسه ، إنما يريده لغيره . قال : فرجع غلمانه ، فمرّوا ببطحاء لينة . فاحتملوا من رملها فملئوا الغرائر ؛ استحياء من أن يردّوها فارغة ، فرُدّوا على إبراهيم صلى الله عليه وسلم فأخبروه الخبر وامرأته نائمة ، فوقع عليه النوم هَما ، وانتبهت والناس على الباب يلتمسون الطعام . فقالت للخبّازين : افتحوا هذه الغرائر واعتجنوا ، ففتحوها فإذا أطيب طعام ، فعجنوا واختبزوا . وانتبه إبراهيم صلى الله عليه وسلم فوجد ريح الطعام ، فقال : مِن أين هذا ؟ فقالت امرأة إبراهيم صلى الله عليه وسلم : هذا من عند خليلك المصرىّ . قال فقال إبراهيم : هذا من عند خليلى الله لا من عند خليلى المصرىّ . قال : فذلك خُلّته .