تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَمَنۡ أَحۡسَنُ دِينٗا مِّمَّنۡ أَسۡلَمَ وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ وَٱتَّبَعَ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۗ وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبۡرَٰهِيمَ خَلِيلٗا} (125)

ثم اختار من الأديان دين الإسلام ، فقال عز وجل : { ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله } ، يعني أخلص دينه لله ، { وهو محسن } في عمله ، { واتبع ملة إبراهيم حنيفا } ، يعني مخلصا ، { واتخذ الله إبراهيم خليلا } ، يعني محبا ، وأنزل الله عز وجل فيهم : { هذان خصمان } ، يعني كفار أهل الكتاب ، { واختصموا } ، يعني ثلاثتهم : المسلمين واليهود والنصارى ، { في ربهم } أنهم أولياء الله ، ثم أخبر بمستقر الكافر ، فقال : { فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار } ( الحج : 19 ) ، يعني جعلت لهم ثياب من نار ، إلى آخر الآية ، ثم أخبر سبحانه بمستقر المؤمنين ، فقال : { إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار . . . } إلى آخر الآية .

قوله : { واتخذ الله إبراهيم خليلا } ، والخليل الحبيب ، لأن الله أحبه في كسره الأصنام ، وجداله قومه ، واتخذ الله إبراهيم خليلا قبل ذبح ابنه ، فلما رأته الملائكة حين أمر بذبح ابنه ، أراد المضي على ذلك ، قالت الملائكة : لو أن الله عز وجل اتخذ عبدا حليلا لاتخذ هذا خليلا محبا ، ولا يعلمون أن الله عز وجل اتخذه خليلا ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ، رضي الله عنهم : "إن صاحبكم خليل الرحمن" ، يعني نفسه ، فقال المنافقون لليهود : ألا تنظرون إلى محمد يزعم أنه خليل الله ، لقد اجترأ ، فأنزل الله عز وجل : { واتخذ الله إبراهيم خليلا } ، وإنما إبراهيم عبد من عباده مثل محمد ، واتخذ إبراهيم خليلا حين ألقى في النار ، فذهب حر النيران يومئذ من الأرض كلها .