{ ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن } تقدم الكلام على نحوه في قولين من أسلم وجهه لله وهو محسن .
{ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً } تقدم الكلام على ملة إبراهيم حنيفاً في قوله : { قل بل ملة إبراهيم حنيفاً } واتباعه .
وقال أبو سليمان الدمشقي : في القيام لله بما فرضه .
وقيل : في جميع شريعته إلا ما نسخ منها .
{ واتخذ الله إبراهيم خليلاً } هذا مجاز عن اصطفائه واختصاصه بكرامة تشبه كرامة الخليل عند خليله .
وتقدم اشتقاق الخليل في المفردات .
والجمهور : على أنها من الخلة وهي المودّة التي ليس فيها خلل .
وقول محمد بن عيسى الهاشمي : إنه إنما سمي خليلاً لأنه تخلى عما سوى خليله .
فإن كان فسر المعنى فيمكن ، وإن كان أراد الاشتقاق فلا يصح لاختلاف المادتين .
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « يا جبريل بمَ اتخذ الله ابراهيم خليلاً ؟ قال : لإطعامه الطعام » والكرامة التي أكرمه الله بها ذكروها في قصة مطولة عن ابن عباس مضمونها : أن الله قلب له غرائر الرمل دقيقاً حواري عجن ، وخبز وأطعم الناس منه .
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اتخذ الله ابراهيم خليلاً وموسى نجياً واتخذني حبيباً ثم قال : وعزتي وجلالي لأوثرن حبيبي على خليلي ونجييّ » لما أثنى على من اتبع ملة ابراهيم أخبر بمزيته عنده واصطفائه ، ليكون ذلك أدعى إلى اتباعه .
لأن من اختصه الله بالخلة جدير بأن يتبع أو ليبين أن تلك الخلة إنما سببها حنيفية ابراهيم عن سائر الأديان إلى دين الحق كقوله : { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً } أي قدوة لإتمامك تلك الكلمات .
ونبه بذلك على أنّ من عمل بشرعه كان له نصيب من مقامه .
وليست هذه الجملة معطوفة على الجملة قبلها ، لأن الجملة قبلها معطوفة على صلة مَن ، ولا تصلح هذه للصلة ، وإنما هي معطوفة على الجملة الاستفهامية التي معناها الخبر ، أي : لا أحد أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله ، نبهت على شرف المنبع وفوز المتبع .
وقال الزمخشري : ( فإن قلت ) : ما موقع هذه الجملة ؟ ( قلت ) : هي جملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب كنحو ما يجيء في الشعر من قولهم : والحوادث جمة ، وفائدتها تأكيد وجوب اتباع ملته ، لأن من بلغ من الزلفى عند الله أن اتخذه خليلاً كان جديراً بأن تتبع ملته وطريقته انتهى .
فإن عنى بالاعتراض غير المصطلح عليه في الضوء فيمكن أن يصح قوله ، كأنه يقول : اعترضت الكلام .
وإن عنى بالاعتراض المصطلح عليه فليس بصحيح ، إذ لا يعترض إلا بين مفتقرين كصلة وموصول ، وشرط وجزاء ، وقسم ومقسم عليه ، وتابع ومتبوع ، وعامل ومعمول ، وقوله : كنحو ما يجيء في الشعر من قولهم : والحوادث جمة ، فالذي نحفظه أن مجيء الحوادث جمة إنما هو بين مفتقرين نحو قوله :
وقد أدركتني والحوادث جمة *** أسنة قوم لا ضعاف ولا عزل
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.