وقوله : { وَأَما ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ } .
القراءة برفع ثمود ، قرأ بذلك عاصم ، وأهل المدينة والأعمش . إلا أن الأعمش كان يجرى ثمود في كل القرآن إلا قوله : { وآتَيْنا ثَمُودَ الناقَةَ } ، فإنه كان لا ينون ، لأَنّ كتابه بغير ألف . ومن أجراها جعلها اسمًا لرجل أو لجبل ، ومن لم يجرها جعلها اسمًا للأُمة التي هي منها قال : وسمعت بعض العرب يقول : تترك بني أسد وهم فصحاء ، فلم يُجْر أسدَ ، وما أردت به القبيلة من الأَسماء التي تجرى فلا تحرها ، وإجراؤها أجود في العربية مثلَ قولك : جاءتك تميمٌ بأسرها ، وقيس بأسرها ، فهذا مما يُجْرَى ، ولا يُجْرى مثل التفسير في ثمود وأسد .
وكان الحسن يقرأ : «وأما ثَمُودَ فَهَدَيْناهُمْ » بنصب ، وهو وجه ، والرفع أجود منه ، لأنّ أما تطلب الأسماء ، وتمتنع من الأفعال ، فهي بمنزلة الصلة للاسم ، ولو كانت أما حرفا يلي الاسم إذا شئت ، والفعل إذا شئت كان الرفع والنصب معتدلين مثل قوله : { والْقَمَرَ قَدَّرْناه مَنازِلَ } ، ألا ترى أنّ الواو تكون مع الفعل ، ومع الاسم ؟ فتقول : عبد الله ضربته وزيداً تركته ؛ لأنك تقول : وتركتُ زيدا ، فتصلح في الفعل الواو كما صلحت في الاسم ، ولا تقول : أما ضربتَ فعبد الله ، كما تقول : أما عبد الله فضربت ، ومن أجاز النصب وهو يرى هذه العلة [ 165/ب ] فإنه يقول : خِلْقَةُ ما نصب الأسماء أن يسبقها لا أن تسبقه . وكل صواب .
يقول : دللناهم على مذهب الخير ، ومذهب الشر كقوله : { وهَدَيْناهُ النَّجدينِ } .
[ حدثنا أبو العباس قال ، حدثنا محمد قال ] حدثنا الفراء قال : حدثني قيس عن زياد بن علاقة عن أبى عمارة عن علي بن أبي طالب أنه قال في قوله : { وهَدَيناهُ النَّجْدَيْنِ } : الخير ، والشر .
قال أبو زكريا : وكذلك قوله : { إنا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِما شَاكِراً وَإما كَفُوراً } .
والهدى على وجه آخر الذي هو الإرشاد بمنزلة قولك : أسعدناه ، من ذلك .
قوله : { أُولَئِكَ الَّّذينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } في كثير من القرآن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.