قوله : { أَفَمَن } : موصولٌ مبتدأٌ . وما بعدَه صلتُه ، والخبرُ محذوفٌ . فقدَّره الكسائيُّ { تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ } لدلالةِ " فلا تَذْهَبْ " عليه . وقَدَّره الزجَّاجُ وأضلَّه اللَّهُ كمَنْ هداه . وقَدَّره غيرُهما : كمن لم يُزَيَّن له ، وهو أحسنُ لموافقتِه لفظاً ومعنىً . ونظيرُه : { أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ }
[ هود : 17 ] ، { أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى }
والعامَّةُ على " زُيِّن " مبنياً للمفعولِ " سوءُ " رُفِعَ به . وعبيد بن عمير " زَيَّنَ " مبنياً للفاعلِ وهو اللَّهُ تعالى ، " سُوْءَ " نُصِبَ به . وعنه " أَسْوَأُ " بصيغةِ التفضيلِ منصوباً . وطلحة " أمَنْ " بغيرِ فاءٍ .
قال أبو الفضل : " الهمزةُ للاستخبارِ بمعنى العامَّةِ ، للتقرير . ويجوزُ أَنْ يكونَ بمعنى حرفِ النداء ، فَحَذَفَ التمامَ كما حَذَفَ مِن المشهورِ الجوابَ . يعني أنه يجوزُ في هذه القراءةِ أَنْ تكونَ الهمزةُ للنداء ، وحُذِف التمامُ ، أي : ما نُوْدي لأَجْلِه ، كأنه قيل : يا مَنْ زُيِّن له سوءُ عملِه ارْجِعْ إلى الله وتُبْ إليه . وقوله : " كما حُذِفَ الجوابُ " يعني به خبرَ المبتدأ الذي تقدَّم تقريرُه .
قوله : " فلا تَذْهَبْ " العامَّة على فتح التاءِ والهاءِ مُسْنداً ل " نفسُك " مِنْ بابِ " لا أُبَيْنَّك ههنا " أي : لا تَتَعاطَ أسبابَ ذلك . وقرأ أبو جعفر وقتادة والأشهبُ بضمِّ التاء وكسرِ الهاء مُسْتداً لضميرِ المخاطب " نَفْسَك " مفعولٌ به .
قوله : " حَسَراتٍ " / فيه وجهان ، أحدُهما : أنه مفعولٌ مِنْ أجلِه أي : لأجلِ الحَسَرات . والثاني : أنه في موضعِ الحالِ على المبالغةِ ، كأنَّ كلَّها صارَتْ حَسَراتٍ لفَرْطِ التحسُّرِ ، كما قال :
3759 مَشَقَ الهَواجِرُ لَحْمَهُنَّ مع السُّرى *** حتى ذَهَبْنَ كَلاكِلاً وصُدورا
يريد : رَجَعْنَ كَلاكِلاً وصدوراً ، أي : لم تَبْقَ إلاَّ كلاكلُها وصدورها كقولِه :
3760 فعلى إثْرِهِمْ تَسَاقَطُ نَفْسي *** حَسَراتٍ وذكْرُهُمْ لي سَقامُ
وكَوْنُ كلاكِل وصدور حالاً قولُ سيبويه ، وجَعَلهما المبردُ تمييزَيْنِ منقولَيْنِ من الفاعلية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.