قال الزمخشري : و { أن } هي المفسرة لأن الوحي بمعنى القول .
وقال ابن عطية : و { أن } في قوله { أن اقذفيه } بدل من ما يعني أنّ { أن } مصدرية فلذلك كان لها موضع من الإعراب .
والوجهان سائغان والظاهر أن { التابوت } كان من خشب .
وقيل : من بردى شجر مؤمن آل فرعون سدت خروقه وفرشت فيه نطعاً .
وقيل : قطناً محلوجاً وسدت فمه وجصصته وقيرته وألقته في { اليم } وهو اسم للبحر العذب .
وقيل : اسم للنيل خاصة والأول هو الصواب كقوله { فأغرقناهم في اليم } ولم يغرقوا في النيل .
والظاهر أن الضمير في { فاقذفيه في اليم } عائد على موسى ، وكذلك الضميران بعده إذ هو المحدث عنه لا { التابوت } إنما ذكر { التابوت } على سبيل الوعاء والفضلة .
وقال ابن عطية : والضمير الأول في { اقذفيه } عائد على موسى وفي الثاني عائد على { التابوت } ويجوز أن يعود على موسى .
وقال الزمخشري : والضمائر كلها راجعة إلى موسى ورجوع بعضها إليه وبعضها إلى التابوت فيه هجنة لما يؤدي إليه من تنافر النظم فإن قلت : المقذوف في البحر هو التابوت وكذلك الملقى إلى الساحل قلت : ما ضرك لو قلت المقذوف والملقى هو موسى في جوف التابوت حتى لا تتفرق الضمائر فيتنافر عليك النظم الذي هو أم إعجاز القرآن ، والقانون الذي وقع عليه التحدي ومراعاته أهم ما يجب على المفسر انتهى .
ولقائل أن يقول أن الضمير إذا كان صالحاً لأن يعود على الأقرب وعلى الأبعد كان عوده على الأقرب راجحاً ، وقد نص النحويون على هذا فعوده على { التابوت } في قوله { فاقذفيه في اليم فليلقه اليم } راجح ، والجواب أنه إذا كان أحدهما هو المحدث عنه والآخر فضلة كان عوده على المحدث عنه أرجح ، ولا يلتفت إلى القرب ولهذا رددنا على أبي محمد بن حزم في دعواه أن الضمير في قوله { فإنه رجس } عائد على خنزير لا على لحم لكونه أقرب مذكور ، فيحرم بذلك شحمه وغضروفه وعظمه وجلده بأن المحدث عنه هو لحم خنزير لا خنزير .
و { فليلقه } أمر معناه الخبر ، وجاء بصيغة الأمر مبالغة إذ الأمر أقطع الأفعال وأوجبها ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : « قوموا فلأصل لكم » أخرج الخبر في صيغة الأمر لنفسه مبالغة ، ومن حيث خرج الفعل مخرج الأمر حسن جوابه كذلك وهو قوله { يأخذه } .
وقال الزمخشري : لما كانت مشيئة الله وإرادته أن لا يخطئ جرية ماء اليم الوصول به إلى الساحل وإلقاءه إليه سلك في ذلك سبل المجاز ، وجعل اليم كأنه ذو تمييز أمر بذلك ليطيع الأمر ويمتثل رسمه فقيل { فليلقه اليم بالساحل } انتهى .
وقال الترمذي : إنما ذكره بلفظ الأمر لسابق علمه بوقوع المخبر به على ما أخبر به ، فكأن البحر مأمور ممتثل للأمر .
وقال الفراء : { فاقذفيه في اليم } أمر وفيه معنى المجازاة أي اقذفيه يلقه اليم ، والظاهر أن البحر ألقاه بالساحل فالتقطه منه .
وروي أن فرعون كان يشرب في موضع من النيل إذ رأى التابوت فأمر به فسيق إليه وامرأته معه ففتح فرأوه فرحمته امرأته وطلبته لتتخذه ابناً فأباح لها ذلك .
وروي أن التابوت جاء في الماء إلى المشرعة التي كانت جواري امرأة فرعون يستقين منها الماء .
فأخذت التابوت وجلبته إليها فأخرجته وأعلمته فرعون والعدو الذي لله ولموسى هو فرعون ، وأخبرت به أم موسى على طريق الإلهام ولذلك قالت لأخته { قصيه } وهي لا تدري أين استقر .
قيل : محبة آسية وفرعون ، وكان فرعون قد أحبه حباً شديداً حتى لا يتمالك أن يصبر عنه .
قال ابن عباس : أحبه الله وحببه إلى خلقه .
وقال عطية : جعلت عليه مسحة من جمال لا يكاد يصبر عنه من رآه .
وقال قتادة : كان في عينيه ملاحة ما رآه أحد إلاّ أحبه .
وقال ابن عطية : وأقوى الأقوال أنه القبول .
وقال الزمخشري : { مني } لا يخلوا أن يتعلق بألقيت فيكون المعنى على أحببتك ومن أحبه الله أحبته القلوب ، وإما أن يتعلق بمحذوف هو صفة لمحبة أي محبة خالصة أو واقعة مني قد ركزتها أنا فيها في القلوب وزرعتها فيها ، فلذلك أحبك فرعون وكل من أبصرك .
وقرأ الجمهور { ولِتُصْنَعَ } بكسر لام كي وضم التاء ونصب الفعل أي ولتُرَبَّى ويحسن إليك .
وأنا مراعيك وراقبك كما يراعي الرجل الشيء بعينيه إذا اعتنى به .
وقال النحاس : يقال صنعت الفرس إذا أحسنت إليه وهو معطوف على علة محذوف أي ليتلطف بك { ولتصنع } أو متعلقة بفعل متأخر تقديره فعلت ذلك .
وقرأ الحسن وأبو نهيك بفتح التاء .
قال ثعلب : معناه لتكون حركتك وتصرفك على عين مني .
وقرأ شيبة وأبو جعفر في رواية بإسكان اللام والعين وضم التاء فعل أمر ، وعن أبي جعفر كذلك إلا أنه كسر اللام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.