ولما نهى تعالى المؤمنين عن ما هو سبب للتباغض والتنافر ، أمرهم بما هو سبب للتواد والتقارب ، فقال : { يا أيها الذين آمنوا } الآية .
قال مجاهد وقتادة والضحاك : كانوا يتنافسون في مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأمروا أن يفسح بعضهم لبعض .
وقال ابن عباس : المراد مجالس القتال إذا اصطفوا للحرب .
وقال الحسن ويزيد بن أبي حبيب : كان الصحابة يتشاحون على الصف الأول ، فلا يوسع بعضهم لبعض رغبة في الشهادة ، فنزلت .
وقرأ الجمهور : { تفسحوا } ؛ وداود بن أبي هند وقتادة وعيسى : تفاسحوا .
والجمهور : في المجلس ؛ وعاصم وقتادة وعيسى : { في المجالس } .
وقرىء : في المجلس بفتح اللام ، وهو الجلوس ، أي توسعوا في جلوسكم ولا تتضايقوا فيه .
والظاهر أن الحكم مطرد في المجالس التي للطاعات ، وإن كان السبب مجلس الرسول .
وقيل : الآية مخصوصة بمجلس الرسول عليه الصلاة والسلام ، وكذا مجالس العلم ؛ ويؤيده قراءة من قرأ { في المجالس } ، ويتأول الجمع على أن لكل أحد مجلساً في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم .
وانجزم { يفسح الله } على جواب الأمر في رحمته ، أو في منازلكم في الجنة ، أو في قبوركم ، أو في قلوبكم ، أو في الدنيا والآخرة ، أقوال .
{ وإذا قيل انشزوا } : أي انهضوا في المجلس للتفسح ، لأن مريد التوسعة على الوارد يرتفع إلى فوق فيتسع الموضع .
أمروا أولاً بالتفسح ، ثم ثانياً بامتثال الأمر فيه إذا ائتمروا .
وقال الحسن وقتادة والضحاك : معناه : إذا دعوا إلى قتال وصلاة أو طاعة نهضوا .
وقيل : إذا دعوا إلى القيام عن مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم نهضوا ، إذ كان عليه الصلاة والسلام أحياناً يؤثر الانفراد في أمر الإسلام .
وقرأ أبو جعفر وشيبة والأعرج وابن عامر ونافع وحفص : بضم السين في اللفظين ؛ والحسن والأعمش وطلحة وباقي السبعة : بكسرها .
والظاهر أن قوله : { والذين أوتوا العلم } معطوف على { الذين آمنوا } ، والعطف مشعر بالتغاير ، وهو من عطف الصفات ، والمعنى : يرفع الله المؤمنين العلماء درجات ، فالوصفان لذات واحدة .
وقال ابن مسعود وغيره : تم الكلام عند قوله : { منكم } ، وانتصب { والذين أوتوا العلم } بفعل مضمر تقديره : ويخص الذين أوتوا العلم درجات ، فللمؤمنين رفع ، وللعلماء درجات .
وقرأ عياش عن أبي عمرو خبير : بما يعملون بالياء من تحت ، والجمهور بالتاء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.