أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{۞وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡيًا أَوۡ مِن وَرَآيِٕ حِجَابٍ أَوۡ يُرۡسِلَ رَسُولٗا فَيُوحِيَ بِإِذۡنِهِۦ مَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ عَلِيٌّ حَكِيمٞ} (51)

شرح الكلمات :

{ إلا وحياً أو من وراء حجاب } : أي إعلاما خفيا سريعا في يقظة أو منام ، أو يكلمه من وراء حجاب فيسمع الكلام ولا يرى الذات .

{ أو يرسلوا رسولا } : أي أو يرسل ملكاً في صورة إنسان فيكلمه مبلغا عن الله تعالى .

{ إنه علي حكيم } : أي الله تعالى ذو علو على سائر خلقه حكيم في تدبير خلقه .

المعنى :

قوله تعالى : { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا } يخبر تعالى أنه ليس من شأن البشر كائنا من كان أن يكلمه الله تعالى إلا وحيا بأن يعلمه بطريق سريع خفي إلهاماً أو مناماً فيفهم عن الله تعالى ما ألقاه في روعه جازماً أنه كلام الله ألقاه إليه ، هذه طريقة وثانية أن يكلمه الله تعالى فيسمعه كلامه بدون أن يرى ذاته كما كلم موسى عليه السلام غير مرة . وثالثة أن يرسل إليه رسولاً كجبريل عليه السلام فيبلغه كلام ربه تعالى هذا معنى قوله تعالى { ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليّ } أي ذو علو على خلقه { حكيم } في تدبيره لخلقه .

الهداية :

من الهداية :

- بيان طرق الوحي وهي ثلاثة الأولى الإِلقاء في الروع يقظة أو مناماً والثانية أن يكلم الله النبي بدون أن يرى ذاته عز وجل كما كلم موسى في الطور وكلم محمداً صلى الله عليه وسلم في الملكوت الأعلى والثالث أن يرسل إليه الملك إما في صورته الملائكية أو في صورة رجل من بني آدم فيوحي إليه ما شاء الله أن يوحيه من أمره .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{۞وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡيًا أَوۡ مِن وَرَآيِٕ حِجَابٍ أَوۡ يُرۡسِلَ رَسُولٗا فَيُوحِيَ بِإِذۡنِهِۦ مَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ عَلِيٌّ حَكِيمٞ} (51)

قوله تعالى : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ( 51 ) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ( 52 ) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلاَ إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ } .

قالت اليهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تكلِّم الله وتنظر إليه وإن كنت نبيًّا كما كلم الله موسى ونظر إليه ؟ فإنا لن نؤمن بك حتى تفعل ذلك . فقال : " لم ينظر موسى إلى الله " وأنزلت الآية{[4121]} { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا } يعني ما ينبغي لبشر من ذرية آدم أن يكلمه ربه إلا أن يوحي إليه وحيا . والمراد بالوحي هنا : نفث يُنفَثُ في قلبه فيكون إلهاما . وجاء في ذلك صحيح ابن حبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن روح القدس نفث في رُوعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب " والرُّوع ، بالضم معناه القلب والعقل . والروع بفتح الراء معناه الفزع . والروعة ، الفزعة . {[4122]}

قوله : { أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } يعني أو يكلمه بحيث يسمع كلامه ولا يراه كما كلَّم نبيه موسى عليه الصلاة والسلام . وقد ذكر أن موسى سأل ربه الرؤية بعد التكلم فحجب عنها . قوله : { أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ } يعني أو يرسل الله من الملائكة رسولا كجبريل أو غيره فيوحي هذا الرسول بإذن الله على المرسل إليه ما يشاء اللهُ أن يوحيه إليه من أمر أو نهي أو خبر أو تحذير أو غير ذلك .

قوله : { إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ } يعظِّم الله نفسه مبيِّنا أنه رفيع الدرجات والمعالي . وما من شيء إلا هو هابط دون عليائه وجبروته . وهو كذلك ذو حكمة بالغة في قوله وفعله وتدبيره .


[4121]:أسباب النزول للنيسابوري ص 252.
[4122]:مختار الصحاح ص 263.