أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ} (1)

شرح الكلمات :

{ يا أيها المدثر } : أي يا أيها المدثر أي المُتلفف في ثيابه وهو النبي صلى الله عليه وسلم .

المعنى :

قوله تعالى { يا أيها المدثر } أي المتلفف في ثيابه والمراد به النبي صلى الله عليه وسلم روى الزهري قال فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة فحزن حزناً فجعل يعدو شواهق رؤوس لجبال ليتردّى منها فكلما أوفى بذروة جبل تبدّى له جبريل عليه السلام فيقول إنك نبيّ الله فيسكن جأشه وتسكن نفسه ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث عن ذلك فقال " بينما أنا أمشي يوما إذ رأيت الملك الذي كان يأتيني بحراء على كرسيّ بين السماء والأرض فجئثت منه رعبا فرجعت إلى خديجة فقلت زملوني " فزملناه أي فدثرناه فأنزل الله يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر قال الزهري فأول شيء أنزل عليه { اقرأ باسم ربّك الذي خلق خلق الإِنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإِنسان ما لم يعلم } . وعليه فهذا النداء الإِلهي كان بعد فترة الوحي الأولى ناداه ملقبا له بهذا اللقب الجميل تكريما وتلطفا معه ليقوم بأعباء الدعوة وما أشد ثقلها ، ومن يقدر عليها إنها أعباء ثقيلة اللهم لقد أُعنت عليها رسولك فأعني على قدر ما أقوم به منها ، وإن كان ما أقوم به منها لا يساوي جمرة من لظى ولا قطرة من ماء السماء . يا أيها المدثر في ثيابه يا محمد رسولنا .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

في سبب نزول هذه السورة روى البخاري عن أبي سلمة قال : سألت جابر بن عبد الله عن ذلك فقال : لا أحدثك إلا ما حدثنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " جاورت بحراء فلما قضيت جواري هبطت فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئا ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا ونظرت أمامي فلم أر شيئا ونظرت من خلفي فلم أر شيئا فرفعت رأسي فرأيت شيئا فأتيت خديجة فقلت : دثروني وصبوا علي ماء باردا " قال " فدثروني وصبوا علي ماء باردا " فنزلت :

بسم الله الرحمان الرحيم

ياأيها المدثّر 1 قم فأنذر 2 وربك فكبر 3 وثيابك فطهر 4 والرجز فاهجر 5 ولا تمنن تستكثر 6 ولربك فاصبر 7 فإذا نقر في الناقورة 7 فذلك يومئذ يوم عسير 9 على الكافرين غير يسير } .

{ المدثّر } أصلها المتدثر . أبدلت التاء دالا وأدغمت في الدال بعدها فصارت المدثر{[4679]} والمدثر ، من الدثار وهو كل ما كان من الثياب أو الكساء فوق الشعار وهو ما يلي الجسد من الثياب . وقد تدثر أي تلفف في الدثار{[4680]} . والمعنى : ياأيها المتدثر بثيابه أو قطيفته عند نومه . أو ياأيها الذي تغشى بثيابه ونام . وهذا خطاب ملاطفة ورحمة من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم .


[4679]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 473.
[4680]:مختار الصحاح ص 198 والمصباح المنير جـ 1 ص 203.