أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي قَالَ لِوَٰلِدَيۡهِ أُفّٖ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيٓ أَنۡ أُخۡرَجَ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلۡقُرُونُ مِن قَبۡلِي وَهُمَا يَسۡتَغِيثَانِ ٱللَّهَ وَيۡلَكَ ءَامِنۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ فَيَقُولُ مَا هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (17)

شرح الكلمات

{ والذي قال لوالديه } : الذي اسم موصول استعمل استعمال الجنس فدل على متعد بدليل الخبر عنه وهو أولئك الذين حق عليهم القول .

{ إفٍ لكما } : أي نتناً وقبحاً لكما .

{ أن أخرج } : أي من القبر حيا بعد موتي .

{ وقد خلت القرون } : أي مضت الأمم قبلي ولم يخرج منها أحد من قبره .

{ وهما يستغيثان الله } : أي يطلبان الغوث برجوع ولدهما إلى الإِيمان بعد الإِلحاد والكفر .

{ ويلك آمن } : أي يقولان له إن لم ترجع ويلك أي هلاكك أي هلكت آمن بالبعث .

{ إن وعد الله حق } : وقد وعد العباد بالرجوع إليه ومحاسبتهم على أعمالهم ومجازاتهم بها .

{ فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين } : أي ما القول بوجود بعث للناس أحياء بعد الموت إلا أكاذيب الأولين .

المعنى :

لما ذكر تعالى الرجل المؤمن وأعماله الصالحة ومواقفه المشرفة ذكر هنا الرجل الكافر وأعماله الباطلة ومواقفه السيئة وذلك من باب الدعوة إليه تعالى بالترغيب والترهيب فقال تعالى { والذي قال لوالديه أفٍ لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي } يخبر تعالى عن أخبث إنسان هو ذاك الملحد العاق لوالديه المنكر للبعث والجزاء إذ قال لوالديه أُمه وأبيه أُف لكما أي نتناً وقبحا لكما أتعدانني بأن أخرج من قبري حياً بعد ما مت ، وقد مضت أُمم وشعوب قبلي ، وما خرج منها أحد من قبره فكيف تعدانني أنتما ذلك إن هذا لتخلف عقلي وتأخر حضاري وقوله تعالى { وهما يستغيثان الله } أي ووالداه يستغيثان الله ويستصرخانه طلبا إغاثتهما بهداية ولدهما الملحد الشيوعي ، ويقولان للولد ويلك أي هلاكك حضر يا ولد هلكت آمن بالعبث والجزاء وصلِّ وصُم واترك الزنا والخمر ويلك إن وعد الله حق أي إن ما وعد الله به عباده من إحيائهم للحشر والحساب والجزاء حق فلا يتخلف أبد فيرد عليهما الولد الملحد الدّهريُّ بما أخبر تعالى به عنه في قوله فيقول { ما هذا إلا أساطير الأولين } أي أكاذيبهم التي كانوا يعيشون عليها ويقصونها في مجالسهم ، وبما أن الذي قال لوالديه لفظه مفرد ولكنه دال على جنس كان الخبر جمعا فقال تعالى في الإِخبار عنهم { أولئك الذين حق عليهم القول } .

الهداية :

من الهداية :

- حرمة عقوق الوالدين وأنها من الكبائر .

- بيان حنان الوالدين وحبهما لولدهما وبذلك كل ما يقدران عليه من أجل إسعاده وهدايته .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي قَالَ لِوَٰلِدَيۡهِ أُفّٖ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيٓ أَنۡ أُخۡرَجَ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلۡقُرُونُ مِن قَبۡلِي وَهُمَا يَسۡتَغِيثَانِ ٱللَّهَ وَيۡلَكَ ءَامِنۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ فَيَقُولُ مَا هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (17)

{ والذي قال لوالديه أف لكما } قال مروان بن الحكم : نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق حين كفره كان أبوه وأمه يدعوانه إلى الإسلام فيأبى ويقول لهما أف ، وأنكرت عائشة رضي الله عنها ذلك ، وقالت : والله ما نزل في آل أبي بكر شيء من القرآن إلا براءتي ، ويبطل ذلك قطعا قوله تعالى : { أولئك الذين حق عليهم القول } لأن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق أسلم وكان من خيار المسلمين ، وكان له في الجهاد غنى عظيم ، وقال السدي : ما رأيت أعبد منه ، وقال ابن عباس : نزلت في ابن لأبي بكر ولم يسمه ، ويرد ذلك ما ذكرناه عن عائشة وقيل : هي على الإطلاق فيمن كان على هذه الصفة من الكفر والعقوق لوالديه ، ويدل على أنها عامة قوله تعالى : { أولئك الذين حق عليهم القول } بصيغة الجمع ، ولو أراد واحدا بعينه لقال ذلك الذي حق عليه القول ، وقد ذكرنا معنى { أف } في الإسراء .

{ أتعدانني أن أخرج } أي : أتعدانني أنا أن أخرج من القبر إلى البعث .

{ وقد خلت القرون من قبلي } أي : وقد مضت قرون من الناس ولم يبعث منهم أحد .

{ وهما يستغيثان الله } الضمير لوالديه أي : يستغيثان بالله من كراهتهما لما يقول منهما ثم يقولان له ويلك ثم يأمرانه بالإيمان : فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين أي : قد سطره الأولون في كتبهم ، وذلك تكذيب بالبعث والشريعة .