إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَٱلَّذِي قَالَ لِوَٰلِدَيۡهِ أُفّٖ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيٓ أَنۡ أُخۡرَجَ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلۡقُرُونُ مِن قَبۡلِي وَهُمَا يَسۡتَغِيثَانِ ٱللَّهَ وَيۡلَكَ ءَامِنۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ فَيَقُولُ مَا هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (17)

{ والذي قَالَ لوالديه } عندَ دعوتِهما لهُ إلى الإيمانِ { أُفّ لَّكُمَا } هو صوتٌ يصدرُ عنِ المرءِ عندَ تضجرِه ، واللامُ لبيانِ المؤفَّفِ له كمَا في هَيْتَ لكَ . وقُرِئ أُفِّ بالفتحِ والكسرِ بغيرِ تنوينٍ وبالحركاتِ الثلاثِ معَ التنوينِ . والموصولُ عبارةٌ عن الجنسِ القائلِ ذلكَ القولَ ولذلكَ أُخبرَ عنه بالمجموعِ كما سبقَ . قيلَ : هُو في الكافرِ العاقِّ لوالديهِ المكذبِ بالبعثِ . وعن قَتَادةَ : هُو نعتُ عبدِ سوءٍ عاقِّ لوالديهِ فاجرٍ لربِّه . وما رُويَ من أنَّها نزلتْ في عبدِ الرَّحمنِ بن أبي بكرٍ رضيَ الله عنهُمَا قبلَ إسلامِه يردُّه ما سيأتِي من قولِه تعالى : { أُولَئِكَ الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول } [ الأحقاف ، الآيةَ 18 ] الآية . فإنَّه كانَ من أفاضلِ المسلمينَ وسَرواتِهم ، وقد كذَّبتِ الصدِّيقةُ رضيَ الله عنَها مَنْ قالَ ذلكَ . { أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ } أُبعثَ من القبرِ بعدَ الموتِ . وقرئ أَخْرُجَ ، من الخُروجِ . { وَقَدْ خَلَتِ القرون مِن قَبْلِي } ولم يُبعثْ منهم أحدٌ { وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ الله } يسألانِه أنْ يغيثَهُ ويوفقَهُ للإيمانِ . { وَيْلَكَ } أي قائلينَ له ويلكَ ، وهو في الأصلِ دعاءٌ عليه بالثبورِ أُريدَ به الحثَّ والتحريضَ على الإيمانِ لا حقيقةَ الهلاكِ . { آمَن إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ } أي البعثَ أضافاهُ إليهِ تعالى تحقيقاً للحقِّ وتنبيهاً على خطئهِ في إسنادِ الوعدِ إليهما . وقُرِئ أنَّ وعدَ الله أي آمِنْ بأنَّ وعدَ الله حقٌّ { فَيَقُولُ } مكذباً لهُما { مَا هذا } الذي تسميانِه وعدَ الله { إِلاَّ أساطير الأولين } أباطيلُهم التي سَطرُوها في الكتبِ من غيرِ أنْ يكونَ لها حقيقةٌ .