الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَٱلَّذِي قَالَ لِوَٰلِدَيۡهِ أُفّٖ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيٓ أَنۡ أُخۡرَجَ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلۡقُرُونُ مِن قَبۡلِي وَهُمَا يَسۡتَغِيثَانِ ٱللَّهَ وَيۡلَكَ ءَامِنۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ فَيَقُولُ مَا هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (17)

{ وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ } إذا دعوه إلى الإيمان بالله والإقرار بالبعث والجزاء . { أُفٍّ لَّكُمَآ } وهي كلمة كراهية .

{ أَتَعِدَانِنِي } قراءة العامة ( بنونين ) حقيقيتين ، وروى أهل الشام ( بنون ) واحدة مشدّدة { أَنْ أُخْرَجَ } من قبري حيّاً بعد فنائي وبلائي . { وَقَدْ خَلَتِ } مضت { الْقُرُونُ مِن قَبْلِي } فلم يبعث منهم أحد . وقرأ الحسن والأعمش وأبو معمر أن أَخُرج بفتح وضم ( الراء ) .

{ وَهُمَا يَسْتَغثِيَانِ اللَّهَ } يستصرخان الله ويستغيثانه عليه ويقولان له : { وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَآ } الذي تعدانني وتدعوانني إليه . { إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ } قال ابن عبّاس وأبو العالية والسدي ومجاهد : نزلت هذه الآية في عبد الله . وقيل : في عبد الرّحمن بن أبي بكر الصدِّيق . قال له أبواه : أسلم وألحّا عليه في دعائه إلى الإيمان . فقال : أحيوا لي عبد الله بن جدعان وعامر بن كعب ومشايخ قريش حتّى أسألهم عمّا يقولون .

قال محمّد بن زياد : كتب معاوية إلى مروان حتّى يبايع الناس ليزيد ، فقال عبد الرّحمن بن أبي بكر : لقد جئتم بها هرقلية ، أتبايعون لأبنائكم ؟

فقال مروان : هذا الذي يقول الله تعالى فيه : { وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِي } . . . الآية . فسمعت عائشة رضي الله عنه بذلك فغضبت ، وقالت : والله ما هي به ، ولو شئت لسمّيته ولكنّ الله لعن أباك وأنت في صلبه فأنت نضض من لعنة الله .