لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَٱلَّذِي قَالَ لِوَٰلِدَيۡهِ أُفّٖ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيٓ أَنۡ أُخۡرَجَ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلۡقُرُونُ مِن قَبۡلِي وَهُمَا يَسۡتَغِيثَانِ ٱللَّهَ وَيۡلَكَ ءَامِنۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ فَيَقُولُ مَا هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (17)

قوله تعالى : { والذي قال لوالديه } يعني إذ دعواه إلى الإيمان بالله والإقرار بالبعث بعد الموت { أفٍّ لكما } وهي كلمة كراهية { أتعدانني أن أخرج } يعني من قبري حياً { وقد خلت القرون من قبلي } يعني فلم يبعث منهم أحد { وهما يستغيثان الله } يعني يستصرخان بالله عليه ويقولان له { ويلك آمن إن وعد الله حق } يعني بالبعث { فيقول ما هذا } يعني الذي تدعونني إليه { إلا أساطير الأولين } قال ابن عباس نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قبل إسلامه وكان أبواه يدعوانه إلى الإسلام وهو يأبى ويقول أحيوا لي عبد الله بن جدعان وعامر بن كعب ومشايخ قريش حتى أسألهم عما تقولون . وأنكرت عائشة أن يكون قد نزل هذا في عبد الرحمن بن أبي بكر ( خ ) . عن يوسف بن ماهك قال : كان مروان على الحجاز استعمله معاوية فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له ، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئاً ، فقال : خذوه فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه ، فقال له مروان : هذا الذي أنزل الله فيه والذي قال لوالديه أف لكما فقالت عائشة من وراء الحجاب : ما أنزل الله فينا شيئاً من القرآن إلا ما أنزل الله في سورة النور من براءتي والقول الصحيح أنه ليس المراد من الآية شخص معين بل المراد كل شخص كان موصوفاً بهذه الصفة وهو كل من دعاه أبواه إلى الدين الصحيح والإيمان بالبعث فأبى وأنكر . وقيل نزلت في كل كافر عاقٍّ لوالديه قال الزجاج : قول من قال إنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر قبل إسلامه يبطله قوله تعالى : { أولئك الذين حق عليهم القول } .