{ وإن طائفتان من المؤمنين } : أي جماعتان قلَّ أفرادهما أو كثروا من المسلمين .
{ اقتتلوا فأصلحوا بينهما } : أي هموا بالاقتتال أو باشروه فعلا فأصلحوا ما فسد بينهما .
{ فإن بغت إحداهما على الأخرى } : أي تعدت بعد المصالحة بأن رفضت ذلك ولم ترض بحكم الله .
{ فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله } : أي قاتلوا أيها المؤمنون مجتمعين الطائفة التي بغت حتى ترجع إلى الحق .
{ فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل } : أي رجعت إلى الحق بعد مقاتلتها فأصلحوا بينهما بالعدل أي بالحق .
{ وأقسطوا إن الله يحب المقسطين } : أي واعدلوا في حكمكم إن الله يحب أهل العدل .
قوله تعالى { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا } الآيات ما زال الكريم في طلب تأديب المسلمين وتربيتهم وإعدادهم للكمال الدنيوي والأخروي ففي الآيتين ( 9 ) و ( 10 ) من هذا السياق يرشد الله تعالى المسلمين إلى كيفية علاج مشكلة النزاع المسلح بين المسلمين الذي قد يحدث في المجتمع الإِسلامي بحكم الضعف الإِنساني من الوقت إلى الوقت وهو مما يكاد يكون من ضروريات الحياة البشرية وعوامله كثيرة لا حاجة إلى ذكرها فقال تعالى { وإن طائفتان } أي جماعتان { من المؤمنين اقتتلوا } ولو كان ذلك بين اثنين فقط { فأصلحوا } أيها المسلمون { بينهما } بالقضاء على أسباب الخلاف وترضيه الطرفين بما هو حق وخير وليس هذا بصعب مع وجود قلوب مؤمنة وهداية ربانية وقوله { فإِن بغت إحداهما } أي اعتدت إحدى الطائفتين بعد الصلح { على الأخرى } بأن رفضت حكم الله الذي قامت المصالحة بموجبه { فقاتلوا } مجتمعين { التي تبغي } أي تعتدي { حتى تفيء إلى أمر الله } أي إلى الحق { فإِن فاءت } أي أذعنت للحق ورضيت به { فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا } في حكمكم دائما وأبدا { إن الله يحب المقسطين } .
- وجوب مبادرة المسلمين إلى إصلاح ذات البين بينهم كلما حصل فساد أو خلل فيها .
- وجوب تعاون المسلمين على تأديب أية جماعة تبغي وتعتدي حتى تفيىء إلى الحق .
{ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما } اختلف في سبب نزولها ، فقال الجمهور : هو ما وقع بين المسلمين وبين المتحزبين منهم لعبد الله بن أبي بن سلول حين مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوجه إلى زيارة سعد بن عبادة في مرضه فبال حمار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عبد الله بن أبي للنبي صلى الله عليه وسلم لقد آذاني نتن حمارك فرد عليه عبد الله بن رواحة وتلاحا الناس حتى وقع بين الطائفتين ضرب بالجريد ، وقيل : بالحديد ، وقيل : سببها أن فريقين من الأنصار وقع بينهما قتال فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد جهد ثم حكمها باق إلى آخر الدهر وإنما قال اقتتلوا ولم يقل اقتتلا لأن الطائفة في معنى القوم والناس ، فهي في معنى الجمع .
{ فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي } أمر الله في هذه الآية بقتال الفئة الباغية ، وذلك إذا تبين أنها باغية فأما الفتن التي تقع بين المسلمين ، فاختلف العلماء فيها على قولين : أحدهما : أنه لا يجوز النهوض في شيء منها ولا القتال وهو مذهب سعد بن أبي وقاص وأبي ذر وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم ، وحجتهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قتال المسلم كفر " . وأمره عليه الصلاة والسلام بكسر السيوف في الفتن .
والقول الثاني : أن النهوض فيها واجب لتكف الطائفة الباغية ، وهذا قول علي وعائشة وطلحة والزبير وأكثر الصحابة ، وهو مذهب مالك وغيره من الفقهاء ، وحجتهم هذه الآية فإذا فرغنا على القول الأول ، فإن دخل داخل على من اعتزل الفريقين منزله يريد نفسه أو ماله فليدفعه عن نفسه وإن أدى ذلك إلى قتله لقوله صلى الله عليه وسلم : " من قتل دون نفسه أو ماله فهو شهيد " ، وإذا فرعنا على القول الثاني فاختلف مع من يكون النهوض في الفتن فقيل : مع السواد الأعظم وقيل : مع العلماء ، وقيل : مع من يرى أن الحق معه ، وحكم القتال في الفتن أن لا يجهز على جريح ولا يطلب هارب ، ولا يقتل أسير ، ولا يقسم فئ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.