أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ} (5)

شرح الكلمات :

{ وما أمروا } : أي في كتبهم التوراة والإنجيل .

{ حنفاء } : أي مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام .

{ دين القيمة } : أي دين الملة القيمة أي المستقيمة .

المعنى :

في حين أنهم ما أمروا في كتبهم وعلى ألسنة رسلهم ، وكذا في القرآن وعلى لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ، أي مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإِسلام ، ويقيموا الصلاة بأن يؤدوها في أوقاتها بشروطها وأركانها وآدابها ، ويؤتوا الزكاة التي أوجب الله في الأموال لصالح الفقراء والمساكين . { وذلك دين القيمة } أي وهذا هو دين الملة القيمة المستقيمة الموصلة للعبد إلى رضا الرب وجنات الخلد بعد إنجائه من العذاب والغضب .

الهداية :

- مما يؤخذ على اليهود والنصارى أنهم في كتبهم مأمورون بعبادة الله تعالى وحده والكفر بالشرك مائلين عن كل دين إلى دين الإِسلام ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فما بالهم لما جاءهم الإِسلام بمثل ما أمروا به كفروا به وعادوه . والجواب أنهم لما انحرفوا عز عليهم أن يستقيموا لما ألفوا من الشرك والضلالة والباطل .

- بيان أن الملَّة القيمة والدين المنجي من العذاب المحقق للإسعاد والكمال ما قام على أساس عبادة الله وحده وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة والميل عن كل دين إلى هذا الدين الإِسلامي .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ} (5)

فما أمروا في سائر الشرائع إلا أن يعبدوا { اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } أي : قاصدين بجميع عباداتهم الظاهرة والباطنة وجه الله ، وطلب الزلفى لديه ، { حُنَفَاءَ } أي : معرضين [ مائلين ] عن سائر الأديان المخالفة لدين التوحيد . وخص الصلاة والزكاة [ بالذكر ] مع أنهما داخلان في قوله { لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ } لفضلهما وشرفهما ، وكونهما العبادتين اللتين من قام بهما قام بجميع شرائع الدين .

{ وَذَلِكَ } أي التوحيد والإخلاص في الدين ، هو { دِينُ الْقَيِّمَةِ } أي : الدين المستقيم ، الموصل إلى جنات النعيم ، وما سواه فطرق موصلة إلى الجحيم .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ} (5)

{ وما أمروا } الآية : معناها : ما أمروا في التوراة والإنجيل إلا بعبادة الله ، ولكنهم حرفوا وبدلوا ، ويحتمل أن يكون المعنى ما أمروا في القرآن إلا بعبادة الله ، فلأي شيء ينكرونه ويكفرون به . { مخلصين له الدين } استدل المالكية بهذا على وجوب النية في الوضوء وهو بعيد ، لأن الإخلاص هنا يراد به التوحيد وترك الشرك أو ترك الرياء ، وذلك أن الإخلاص مطلوب في التوحيد وفي الأعمال ، وهذا الإخلاص في التوحيد هو الشرك الجلي ، وهذا الإخلاص في الأعمال هو الشرك الخفي ، وهو الرياء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الرياء الشرك الأصغر " ، وقال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه أنه تعالى يقول : " أنا أغنى الأغنياء عن الشرك ، فمن عمل عملا أشرك فيه غيري تركته وشركه " واعلم أن الأعمال ثلاثة أنواع : مأمورات ، ومنهيات ومباحات ، فأما المأمورات : فالإخلاص فيها عبارة عن خلوص النية لوجه الله بحيث لا يشوبها بنية أخرى ، فإن كانت كذلك فالعمل خالص مقبول ، وإن كانت النية لغير وجه الله من طلب منفعة دنيوية أو مدح أو غير ذلك فالعمل رياء محض مردود ، وإن كانت النية مشتركة ففي ذلك تفصيل فيه نظر واحتمال . وأما المنهيات : فإن تركها دون نية خرج عن عهدتها ، ولم يكن له أجر في تركها وإن تركها ، بنية وجه الله حصل له الخروج عن عهدتها مع الأجر . وأما المباحات : كالأكل والنوم والجماع وشبه ذلك فإن فعلها بغير نية لم يكن له فيها أجر ، وإن فعلها بنية وجه الله فله أجر ، فإن كل مباح يمكن أن يصير قربة إذا قصد به وجه الله مثل أن يقصد بالأكل القوة على العبادة ، ويقصد بالجماع التعفف عن الحرام .

{ حنفاء } جمع حنيف وقد ذكر .

{ وذلك دين القيمة } تقديره الملة القيمة ، أو الجماعة القيمة ، وقد فسرنا القيمة ، ومعناه : أن الذي أمروا به من عبادة الله ، والإخلاص له ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة هو دين الإسلام ، فلأي شيء لا يدخلون فيه ؟