أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ تُلۡقُونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ يُخۡرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمۡ أَن تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ رَبِّكُمۡ إِن كُنتُمۡ خَرَجۡتُمۡ جِهَٰدٗا فِي سَبِيلِي وَٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِيۚ تُسِرُّونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعۡلَمُ بِمَآ أَخۡفَيۡتُمۡ وَمَآ أَعۡلَنتُمۡۚ وَمَن يَفۡعَلۡهُ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ} (1)

شرح الكلمات :

{ لا تتخذوا عدوى وعدوكم } : أي الكفار والمشركين .

{ أولياء تلقون إليهم بالمودة } : أي لا تتخذوهم أنصاراً توادونهم .

{ وقد كفروا بما جاءكم من الحق } : أي الإِسلام عقيدة وشريعة .

{ يخرجون الرسول وإياكم } : أي بالتضييق عليكم حتى خرجتم فارين بدينكم .

{ أن تؤمنوا بربكم } : أي لأجل أن آمنتم بربكم .

{ إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي ابتغاء مرضاتي } : فلا تتخذوهم أولياء ولا تبادلوهم المودة .

{ تسرون إليهم بالمودة } : أي توصلون إليهم خبر خروج الرسول لغزوهم بطريقة سرية .

{ ومن يفعله منكم } : أي ومن يوادهم فينقل إليهم أسرار النبي في حروبه وغيرها .

{ فقد ضل سواء السبيل } : أي أخطأ طريق الحق الجادة الموصلة إلى الإِسعاد .

المعنى :

فاتحة هذه السورة { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء . . . } الآيات . نزلت في شأن حاطب بن أبي بلتعة وكان من المهاجرين الذين شهدوا بدراً روى مسلم في صحيحه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال ائتوا روضة خاخ " موضع بينه وبين المدينة أثناء عشر ميلا " فإن بها ظعينة " امرأة مسافرة " معها كتاب فخذوه منها فانطلقنا نهادي خيلنا أي نسرعها فإذا نحن بامرأة قلنا أخرجي الكتاب ، فقالت ما معي كتاب . فقلنا لتخرجن الكتاب ، أو لَتُلْقِنَّ الثياب " أي من عليك " فأخرجته من عقاصها أي من ظفائر شعر رأسها فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا به من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا حاطب ما هذا ؟ فقال لا تعجل عليّ يا رسول الله إنى كنت امرءاً ملصقاً في قريش " أي كان حليفاً لقريش ولم يكن قرشياً " وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيه أن أتخذ فيهم يداً يحمون بها قرابتي ، ولم أفعله كفراً ولا ارتداداً عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإِسلام وقد علمت أن الله ينزل بهم بأسه وإن كتابي لا يغنى عنهم من الله شيئاً ، وأن الله ناصرك عليهم .

فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق . فقال عمر رضي الله عنه دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه شهد بدراً ، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فأنزل الله عز وجل : { يا أيها الذين آمنوا } أي يا من صدقتم الله ورسوله ، { لا تتخذوا عدوي وعدوكم } من الكفار والمشركين { أولياء } أي أنصاراً ، { تلقون إليهم بالمودة } أي أسرار النبي صلى الله عليه وسلم الحربية ذات الخطر والشأن . والحال أنهم قد كفروا بما جاءكم من الحق الذي هو دين الإِسلام بعقائده وشرائعه وكتابه ورسوله . يخرجون الرسول وإياكم من دياركم بالمضايقة لكم حتى هاجرتم فارين بدينكم ، أن تؤمنوا بربكم أي من أجل أن آمنتم بربكم . أمثل هؤلاء الكفرة الظلمة تتخذونهم أولياء تدلون إليهم بالمودة . إنه لخطأ جسيم ممن فعل هذا .

وقوله تعالى : { إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي } أي إن كنتم خرجتم من دياركم مجاهدين في سبيلي أي لنصرة ديني ورسولي وأوليائي المؤمنين وطلبا لرضاي فلا تتخذوا الكافرين أولياء من دوني تلقون إليهم بالمودة .

وقوله تعالى تسرون إليهم بالمودة أي تخفون المودة إليهم بنقل أخبار الرسول السرية والحال أني { أعلم } منكم ومن غيركم { بما أخفيتم وما أعلنتم } . وها قد أطلعت رسولي على رسالتكم المرفوعة إلى مشركي مكة والتي تتضمن فضح سر رسولي في عزمه على غزوهم مفاجأة لهم حتى يتمكن من فتح مكة بدون كثير إراقة دم وإزهاق أنفس .

وقوله تعالى : { ومن يفعله منكم } أي الولاء والمودة للمشركين فقد ضل سواء السبيل أي اخطأ وسط الطريق المأمون من الانحراف يريد جانب الإِسلام الصحيح .

الهداية :

من الهداية :

- حرمة موالاة الكافرين بالنصرة والتأييد والمودة دون المسلمين .

- الذي ينقل أسرار المسلمين الحربية إلى الكافرين على خطر عظيم وإن صام وصلى .

- فضل أهل بدر وكرامتهم على الله عز وجل .

- قبول عذر الصادقين الصالحين ذو السبق في الإِسلام إذا عثر أحدهم اجتهاداً منه .