غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ تُلۡقُونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ يُخۡرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمۡ أَن تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ رَبِّكُمۡ إِن كُنتُمۡ خَرَجۡتُمۡ جِهَٰدٗا فِي سَبِيلِي وَٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِيۚ تُسِرُّونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعۡلَمُ بِمَآ أَخۡفَيۡتُمۡ وَمَآ أَعۡلَنتُمۡۚ وَمَن يَفۡعَلۡهُ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ} (1)

مقدمة السورة:

( سورة الممتحنة وهي مدنية حروفها ألف وخمسمائة وعشرة كلماتها ثلاثمائة وثمان وأربعون آياتها ثلاث عشرة ) .

1

التفسير : يروى أن مولاة أبي عمرو ابن صيفي بن هاشم يقال لها سارة ، أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو متجهز لفتح مكة فعرضت حاجتها ، فحث بني المطلب على الإحسان إليها فأتاها حاطب بن أبي بلتعة وأعطاها عشرة دنانير وكساها برداً واستحملها كتاباً إلى أهل مكة هذه نسخته " من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة ، اعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدكم فخذوا حذركم " . فخرجت سارة ونزل جبريل عليه السلام بالخبر ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله عنه وعماراً وعمرو فرساناً أخر وقال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها ، فإن أبت فاضربوا عنقها . فأدركوها فجحدته وحلفت فهموا بالرجوع فقال علي رضي الله عنه : والله ما كذبنا ولا كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسل سيفه وقال : أخرجي الكتاب أن تضعي رأسك فأخرجته من عقاص شعرها ، فقال رسول الله عليه وسلم لحاطب : ما حملك عليه ؟ فقال : يا رسول الله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششتك منذ نصحتك ولا أحببتهم منذ فارقتهم ولكني كنت غريباً في قريش وكل من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون أهاليهم وأموالهم فخشيت على أهلي فأردت أن أتخذ عندهم يداً ، وقد علمت أن الله ينزل عليهم بأسه وأن كتابي لا يغني عنهم شيئاً فصدّقه وقبل عذره فقال عمر : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق .

فقال : وما يدريك يا عمر لعل الله قد أطلع على أهل بدر فقال لهم : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم . ففاضت عينا عمر وقال : الله ورسوله أعلم وأنزلت السورة . و { تلقون } مستأنف أو حال من ضمير { لا تتخذوا } أو صفة لأولياء ، ولا حاجة إلى الضمير البارز وهو أنتم وإن جرى على غير من هو له لأن ذاك في الأسماء دون الأفعال كما لو قلت مثلاً ملقين أنتم والإلقاء عبارة عن الإيصال التام . والباء في { بالمودة } إما زائدة كما في قوله { ولا تلقوا بأيديكم } [ البقرة :195 ] أو للسببية ومفعول { تلقون } محذوف معناه تلقون إليهم أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بسبب المودة . و { أن تؤمنوا } تعليل ل { يخرجون } أي يخرجونكم لإيمانكم . و { إن كنتم خرجتم } تأكيد متعلق ب { لا تتخذوا } وجوابه مثله . وانتصب { جهاداً } و { ابتغاء } على العلة أي إن كنتم خرجتم من أوطانكم لأجل جهاد عدوّى ولابتغاء رضواني فلا تتولوا أعدائي . وقوله { تسرون } مستأنف والمقصود أنه لا فائدة في الإسرار فإن علام الغيوب لا يخفى عليه شيء .

/خ13