صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ تُلۡقُونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ يُخۡرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمۡ أَن تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ رَبِّكُمۡ إِن كُنتُمۡ خَرَجۡتُمۡ جِهَٰدٗا فِي سَبِيلِي وَٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِيۚ تُسِرُّونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعۡلَمُ بِمَآ أَخۡفَيۡتُمۡ وَمَآ أَعۡلَنتُمۡۚ وَمَن يَفۡعَلۡهُ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ} (1)

مقدمة السورة:

مدنية ، وآياتها ثلاث عشر .

بسم الله الرحمان الرحيم :

{ لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء . . . } نزلت في حاطب بن أبي بلتعة . وكان من المهاجرين وممن شهد بدرا ، وكان له في مكة قرابة قريبة ، وليس له في قريش نسب ؛ إذ هو مولى . فأرسل كتابا إلى أناس من المشركين بمكة ، يخبرهم ببعض أمر النبي صلى الله عيه وسلم في شأن غزوهم ؛ ليتخذ عندهم يدا فيحموا بها أقاربهم – مع مولاة تسمى سارة . فأوحى الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بما كان منه ؛ فأرسل في أثرها عليا – كرم الله وجهه – ومعه آخرون فأحضروا الكتاب ، واعتذر حاطب ؛ وقبل الرسول صلى الله عليه وسلم عذره . نهى الله تعالى المؤمنين عن موالاة أعدائه وأعدائهم ، وفسرها بقوله تعالى : " تلقون إليهم بالمودة " أي ترسلون إليهم أخباره صلى الله عليه وسلم بسبب ما بينكم وبينهم من المودة ، وبقوله : " تسرون إليهم بالمودة " . والحكم عام ولا عبرة بخصوص السبب . وقد ورد النهي عن موالاتهم ، واتخاذهم بطانة ووليجة من دون المؤمنين في غير آية ، وبينت حكمة النهي في هذه الآية وفي غيرها بما يشهد به الواقع . { أن تؤمنوا بالله ربكم } أي لأجل إيمانكم بربكم ؛ فهو العلة لإخراج الرسول والمؤمنين من مكة ، وهو العلة دائما في كراهة الكفار للمسلمين . { ومن يفعله منكم . . . } أي ومن يتخذهم منكم أولياء فقد أخطأ طريق الحق والصواب .