[ وهي مكية ]{[1]} .
قال الحافظ أبو يعلى : حدثنا خلف بن هشام البزار ، حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن عِكْرِمة قال : قال أبو بكر : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما شَيّبك ؟ قال : " شيبتني هود ، والواقعة ، وعم يتساءلون ، وإذا الشمس كورت " {[2]} .
وقال أبو عيسى الترمذي : حدثنا أبو كُرَيْب محمد بن العلاء ، حدثنا معاوية بن هشام ، عن شيبان ، عن أبي إسحاق ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال أبو بكر : يا رسول الله ، قد شبت ؟ قال : " شيبتني هود ، والواقعة ، والمرسلات ، وعم يتساءلون ، وإذا الشمس كورت " {[3]} وفي رواية : " هود وأخواتها " .
وقال الطبراني : حدثنا عبدان بن أحمد ، حدثنا حماد{[4]} بن الحسن ، حدثنا سعيد بن سلام ، حدثنا عمر بن محمد ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " شيبتني هود وأخواتها : الواقعة ، والحاقة ، وإذا الشمس كورت " وفي رواية : " هود وأخواتها " {[5]} .
وقد روي من حديث ابن مسعود ، فقال الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني في معجمه الكبير : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا أحمد بن طارق الرائشي{[6]} ، حدثنا عمرو بن ثابت ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ؛ أن أبا بكر قال : يا رسول الله ، ما شيبك ؟ قال : " هود ، والواقعة " {[7]} .
عمرو بن ثابت متروك ، وأبو إسحاق لم يدرك ابن مسعود . والله أعلم .
قد تقدم الكلام على حروف الهجاء في أول سورة البقرة بما أغنى عن إعادته هاهنا ، وبالله التوفيق .
وأما قوله : { أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ } أي : هي محكمة في لفظها ، مفصلة في معناها ، فهو كامل صورة ومعنى . هذا معنى ما روي عن مجاهد ، وقتادة ، واختاره ابن جرير .
وقوله : { مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } أي : من عند الله الحكيم في أقواله ، وأحكامه ، الخبير بعواقب الأمور .
{ الر كتاب } مبتدأ وخبر أو { كتاب } خبر مبتدأ محذوف . { أُحكمت آياته } نظمت نظما محكما لا يعتريه إخلال من جهة اللفظ والمعنى ، أو منعت من الفساد والنسخ فإن المراد آيات السورة وليس فيها منسوخ ، أو أحكمت بالحجج والدلائل أو جعلت حكمية منقول من حكم بالضم إذا صار حكيما لأنها مشتملة على أمهات الحكم النظرية والعملية . { ثم فصّلت } بالفوائد من العقائد والأحكام والمواعظ والأخبار ، أو بجعلها سوراً أو بالإنزال نجما نجما ، أو فصل فيها ولخص ما يحتاج إليه . وقرئ { ثم فصّلت } أي فرقت بين الحق والباطل وأحكمت آياته { ثم فصلت } على البناء للمتكلم ، و{ ثم } للتفاوت في الحكم أو للتراخي في الأخبار . { من لدُن حكيم خبير } صفة أخرى ل { كتاب } ، أو خبر بعد خبر أو صلة ل { أحكمت } أو { فصلت } ، وهو تقرير لأحكامها وتفصيلها على أكمل ما ينبغي باعتبار ما ظهر أمره وما خفي .
بسم الله الرحمن الرحيم سورة هود عليه السلام{[1]}
هذه سورة مكية إلا قوله تعالى ' فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك ' وقوله ' أولئك يؤمنون به ' ونزلت في ابن سلام وأصحابه وقوله «إن الحسنات يذهبن السيئات »{[2]} نزلت في شأن الثمار . وهذه الثلاثة مدنية قاله مقاتل{[3]} على أن الأولى تشبه المكي . وإذا أردت بهود اسم السورة لم ينصرف ، كما تفعل إذا سميت امرأة ب ( عمرو ) و( زيد ) وإذا أردت سورة هود صرفت{[4]} .
تقدم استيعاب القول في الحروف المقطعة في أوائل السور ، وتختص هذه بأن قيل : إن الرحمن فرقت حروفه فيها وفي { حم } [ غافر : 1 ، فصلت : 1 ، الشورى : 1 ، الزخرف : 1 ، الدخان : 1 ، الجاثية : 1 ، الأحقاف : 1 ] وفي { ن والقلم } [ القلم : 1 ] .
و { كتاب } مرتفع على خبر الابتداء ، فمن قال : الحروف إشارة إلى حروف المعجم ، كانت الحروف المبتدأ ، ومن تأول الحروف غير ذلك كان المبتدأ «هذا كتاب » ؛ والمراد بالكتاب القرآن .
و { أحكمت } معناه أتقنت وأجيدت شبه تحكم الأمور المتقنة الكاملة ، وبهذه الصفة كان القرآن في الأزل ثم فصل بتقطيعه وتنويع أحكامه وأوامره على محمد صلى الله عليه وسلم في أزمنة مختلفة ف { ثم } على بابها ، وهذه طريقة الإحكام والتفصيل إذ الإحكام صفة ذاتية ، والتفصيل إنما هو بحسب من يفصل له ، والكتاب بأجمعه محكم مفصل والإحكام الذي هو ضد النسخ والتفصيل الذي هو خلاف الإجمال إنما يقالان مع ما ذكرناه باشتراك . وحكى الطبري عن بعض المتأولين : أحكمت بالأمر والنهي وفصلت بالثواب والعقاب ؛ وعن بعضهم : أحكمت من الباطل ، وفصلت بالحلال والحرام ونحو هذا من التخصيص الذي هو صحيح المعنى ولكن لا يقتضيه اللفظ ، وقال قوم : { فصلت } معناه فسرت ، وقرأ عكرمة والضحاك والجحدري وابن كثير - فيما روي عنه - : «ثم فَصَلَت » بفتح الفاء والصاد واللام ، ويحتمل ذلك معنيين : أحدهما : «فَصَلَت » أي نزلت إلى الناس كما تقول فصل فلان لسفره ونحو هذا المعنى ، والثاني فَصَلَت بين المحق والمبطل من الناس .
و { من لدن } معناها من حيث ابتدئت الغاية ، كذا قال سيبويه وفيها لغات : يقال : لدُن ولدْن بسكون الدال وقرىء بهما . { من لدن } ، ويقال : «لَدُ » : بفتح اللام وضم الدال دون نون ، ويقال «لدا » بدال منونة مقصورة . ويقال «لَدٍ » بدال مكسورة منونة ، حكى ذلك أبو عبيدة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.