الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{الٓرۚ كِتَٰبٌ أُحۡكِمَتۡ ءَايَٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتۡ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} (1)

مقدمة السورة:

سورة هود

مكية وآياتها 123

مكية إلا نحو ثلاث آيات

قال الداودي وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ( قلت يا رسول الله لقد أسرع إليك الشيب ، قال : شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت ) وفي رواية عن ابن عباس ( هود وأخواتها ) انتهى .

بسم الله الرحمان الرحيم

قوله عز وجل : { الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آياته } [ هود :1 ] .

أي : أتْقِنَتْ وأجيدَتْ ، وبهذه الصفة كان القرآن في الأزَل ، ثم فُصِّل بتقطيعه ، وتَبْيين أحكامه وأوامره علَى محمَّد نبيه عليه السلام في أزمنةٍ مختلفةٍ ؛ ف«ثُمَّ » على بابها ، فالإِحْكَامُ صفةٌ ذاتية ، والتفصيلُ إِنما هو بحسب من يفصَّل له ، والكتابُ بأَجمعه محكَمٌ ومفَصَّل ، والإِحْكَام الذي هو ضدُّ النَّسْخ ، والتفصيلُ الذي هو خلافُ الإِجمال ، إِنما يقالان مع ما ذَكَرناه باشتراك .

قال ( ص ) : { ثُمَّ فُصِّلَتْ } : «ثُمَّ » لترتيب الأخبار ، لا لترتيب الوقوع في الزمان ، وَ{ لَّدُنْ } بمعنى : «عند » ، انتهى .

قال الداوديُّ : وعن الحسن { أُحْكِمَتْ آياته } قَالَ : أحكمت بالأَمْرِ والنهْي ، ثم فُصِّلَتْ بالوعْدِ والوعيدِ ، وعنه : { فُصِّلَتْ } بالثوابِ والعقابِ . انتهى .