لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{الٓرۚ كِتَٰبٌ أُحۡكِمَتۡ ءَايَٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتۡ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} (1)

مقدمة السورة:

السورة التي يذكر فيها هود عليه السلام

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه كلمة استولت على عقول قوم فبصرتها ، وعلى قلوب آخرين فجردتها ، فالتي بصرتها فبنور برهانه ، والتي جردتها فبقهر سلطانه . . فعالم سلك سبيل بحثه واستدلاله فسكن لما طلعت نجوم عقله تحت ظلال إقباله ، وعارف تعرض إلى وصاله فطاح لما لاحت لمعة ممن تقدس بالإعلام باستحقاق جلاله .

قوله جل ذكره : { آلر كتاب أحكمت ءاياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير } .

الألف إشارة إلى انفراده بالربوبية .

واللام إشارة إلى لُطْفِه بأهل التوحيد .

والراء إشارة إلى رحمته بكافة البَرِيَّةِ .

وهي في معنى القَسَم : أي أقسم بانفرادي بالربوبية ولطفي بمن عَرَفَني بالأحدية ، ورحمتي على كافة البرية - إنَّ هذا الكتابَ أُحْكِمَتْ آياتُه .

ومعنى { أُحْكِمَتْ ءَايَاتُهُ } : أي حُفِظَتْ عن التبديل والتغيير ، ثم فُصِّلتْ ببيان نعوتِ الحقِّ فيما يتصف به من جلال الصمدية ، وتعبَّد به الخْلقُ من أحكام العبودية ، ثم ما لاح لقلوب الموحِّدين والمحبين من لطائف القربة ، في عاجِلهم البُشْرى بما وَعَدَهم به من عزيز لقائه في آجِلهم ، وخصائصهم التي امتازوا بها عَمَّنْ سواهَم .