لما ختمت السورة التي قبلها - كما ترى - بالحث على اتباع الكتاب ولزومه والصبر على ما يتعقب ذلك من مرائر الضير المؤدية إلى مفاوز الخير اعتماداً على المتصف بالجلال والكبرياء والكمال . ابتدئت هذه بوصفه بما يرغب فيه ، فقال بعد الإشارة إلى إعادة القرع بالتحدي على ما سلف في البقرة : { كتاب } أي عظيم{[38744]} جامع لكل خير ، ثم وصفه بقوله : { أحكمت } بناه للمفعول بياناً لأن إحكامه أمر قد فرغ منه على أيسر وجه عنه سبحانه{[38745]} {[38746]}وأتقن إتقاناً لا مزيد عليه{[38747]} { آياته } أي أتقنت إتقاناً لا نقص{[38748]} معه فلا ينقصها الذي أنزلها بنسخها كلها بكتاب آخر ولا غيره ، ولا يستطيع غيره نقص شيء منها ولا الطعن في شيء من بلاغتها أو فصاحتها بشيء يقبل ، والمراد ب { محكمات } في آل عمران{[38749]} عدم التشابه .
ولما كان للتفصيل رتبة هي{[38750]} في غاية العظمة ، {[38751]}أتي بأداة{[38752]} التراخي فقال : { ثم } أي وبعد هذه الرتبة العالية التي لم يشاركه في مجموعها كتاب جعلت له رتبة أعلى منها جداً بحيث لم يشاركه في شيء منها كتاب وذلك أنه { فصلت } أي جعلت لها - مع كونها مفصلة{[38753]} إلى حلال وحرام وقصص وأمثال - فواصل ونهايات تكون بها مفارقة لما بعدها وما{[38754]} قبلها ، يفهم{[38755]} منها علوم جمة ومعارف مهمة وإشارات إلى أحوال عالية ، وموارد عذبة صافية ، ومقامات من كل علة شافية ، كما تفصل القلائد بالفرائد ، وهذا التفصيل لم يشاركه في شيء منه شيء من الكتب السالفة ، بل هي مدمجة إدماجاً لا فواصل لها كما يعرف ذلك من طالعها ، ويكفي في معرفة ذلك ما سقته منها في تضاعيف هذا الكتاب ، وما أنسب ختام هذه الآية للإحكام والتفصيل بقوله : { من لدن } أي نزلت آياته محكمة مفصلة حال كونها مبتدئة من حضرة هي أغرب الحضرات الكائنة من إله { حكيم خبير } منتهية إليك وأنت أعلى الناس في كل وصف فلذلك لا يلحق إحكامها ولا تفصيلها ، أرسلناك به قائلاً :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.