تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا رَّجُلَيۡنِ أَحَدُهُمَآ أَبۡكَمُ لَا يَقۡدِرُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوۡلَىٰهُ أَيۡنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأۡتِ بِخَيۡرٍ هَلۡ يَسۡتَوِي هُوَ وَمَن يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (76)

قال مجاهد : وهذا أيضًا المراد به الوثن والحق تعالى ، يعني : أن الوثن أبكم لا يتكلم ولا ينطق بخير ولا بشيء{[16599]} ، ولا يقدر على شيء بالكلية ، فلا مقال ، ولا فعال ، وهو مع هذا { كَلٌّ } ، أي : عيال وكلفة على مولاه ، { أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ } ، أي : يبعثه ، { لا يَأْتِ بِخَيْرٍ } ، ولا ينجح مسعاه ، { هَلْ يَسْتَوِي } من هذه صفاته ، { وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ } ، أي : بالقسط ، فقاله حق ، وفعاله مستقيمة ، {[16600]} { وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } ، وبهذا قال السدي ، وقتادة ، وعطاء الخراساني . واختار هذا القول ابن جرير .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : هو مثل للكافر والمؤمن أيضًا ، كما تقدم .

وقال ابن جرير : حدثنا الحسن بن الصباح البزار ، حدثنا يحيى بن إسحاق السَّيْلحيني{[16601]} ، حدثنا حماد ، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خُثَيْم{[16602]} عن إبراهيم ، عن{[16603]} عِكْرِمة ، عن يَعْلَى بن أمية ، عن ابن عباس في قوله : { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ } ، نزلت في رجل من قريش وعبده . وفي قوله : { [ وَضَرَبَ اللَّهُ ] مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ [ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ ] }{[16604]} {[16605]} إلى قوله : { وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } ، قال : هو عثمان بن عفان . قال : والأبكم الذي أينما يوجهه لا يأت بخير قال هو : مولى{[16606]} لعثمان بن عفان ، كان عثمان ينفق عليه ويكفله{[16607]} ويكفيه المئونة ، وكان الآخر يكره الإسلام ويأباه ، وينهاه عن الصدقة والمعروف ، فنزلت فيهما{[16608]} .


[16599]:في ت، أ: "
[16600]:في ت، أ: "ولا بشر".
[16601]:في ت: "مستقيم".
[16602]:في أ: "السلحييني".
[16603]:في ت: "خيثم".
[16604]:في ف: "ابن".
[16605]:زيادة من ت، ف، أ.
[16606]:زيادة من ت، ف، أ.
[16607]:في ت، ف: "ويكلفه".
[16608]:تفسير الطبري (14/ 101).