ثم ضرب مثلاً ثانياً لنفسه ، ولما يفيض على عباده من النعم الدينية والدنيوية ، وللأصنام التي هي أموات لا تضر ولا تنفع بل يصل منها إلى من يعبدها أعظم المضار . أما تفسير الألفاظ : فالأبكم : العي المفحم ، وقد بكم بكماً وبكامة . وقيل : هو الأقطع اللسان ، الذي لا يحسن الكلام . وروى ثعلب عن ابن الأعرابي أنه الذي لا يسمع ولا يبصر . وقوله : { وهو كلٌّ على مولاه } ، أصله من الغلظ الذي هو نقيض الحدة . يقال : كَلَّ السكين : إذا غلظت شفرته ، وكَلَّ اللسان : إذا غلظ فلم يقدر على الكلام ، وكَلَّ فلان عن الكلام : إذا ثقل عليه ولم ينبعث فيه ، وفلان كَلٌّ على مولاه ، أي ، ثقيل وعيال على من يلي أمره . وقوله : { أينما يوجهه } ، حيثما يرسله { لا يأت بخير } ، لم ينجح في مطلبه . والتوجيه : أن ترسل صاحبك في وجه معين من الطريق ، { هل يستوي هو } ، أي : الموصوف بهذه الصفات المذكورة . { ومن يأمر } الناس { بالعدل وهو } في نفسه { على صراط مستقيم } ، على سيرة صالحة ودين قويم غير منحرف إلى طرفي الإفراط والتفريط . ولا شك أن الآمر بالعدل يجب أن يكون عالماً حتى يمكنه التمييز بين العدل والجور . قادراً حتى يتأتى منه الإتيان بالخير والأمر به ، وكلا الوصفين يناقض كونه أبكم لا يقدر . قال مجاهد : هذا مثل لإله الخلق وما يدعى من دونه . أما الأبكم فمثل الصنم ؛ لأنه لا ينطق البتة ولا يقدر على شيء ، وهو كَلٌّ على عابديه ؛ لأنه لا ينفق عليهم ، وهم ينفقون عليه وإلى أيّ مهم يوجه الصنم لا يأتي بخير ، وأما الذي يأمر بالعدل ، فهو : الله سبحانه . وروى الواحدي بإسناده ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : نزلت الآية المتقدمة في هشام بن عمرو وهو الذي ينفق ماله سراً وجهراً ، ومولاه أبو الحوار الذي كان ينهاه عنه . وهذه الآية نزلت في : سعيد بن أبي العيص ، وفي عثمان بن عفان مولاه . والأصح أن المقصود من الآية الأولى : كل عبد موصوف بالصفات الذميمة ، وكل حر موصوف بالخصال الحميدة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.