الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا رَّجُلَيۡنِ أَحَدُهُمَآ أَبۡكَمُ لَا يَقۡدِرُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوۡلَىٰهُ أَيۡنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأۡتِ بِخَيۡرٍ هَلۡ يَسۡتَوِي هُوَ وَمَن يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (76)

ثم ضرب مثلا آخر فقال : { وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم } [ 76 ] وهو المطبق{[39491]} الذي لا ينطق ولا يسمع{[39492]} . { وهو كل على مولاه } [ 76 ] أي : على وليه{[39493]} { هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم } [ 76 ] أي : هل يستوي القادر التام التمييز{[39494]} ، والعاجز الذي لا يسمع ولا يتكلم ولا يأتي بخير ؟ فهما لا يستويان عندكم{[39495]} لاختلاف أحوالهما ، وهما{[39496]} بشران ، فكيف سويتهم{[39497]} بين الله [ سبحانه{[39498]} ] والأحجار ؟ {[39499]} .

وقال مجاهد والضحاك : هذا مثل لله [ عز وجل{[39500]} ] ومن عبد من دونه{[39501]} . وقال قتادة : هو للمؤمن والكافر{[39502]} .

وقال ابن عباس : أنزلت هذه الآية : { ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء } [ 75 ] في هشام بن عمر ، وهو الذي لا ينفق{[39503]} ، ومولاه أبو الجوزاء{[39504]} الذي كان ينهاه{[39505]} .

وقوله : { [ و ]{[39506]} ضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم } [ 76 ] الأبكم منهما : الكل على مولاه أسيد بن أبي العاصي ، والذي يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم{[39507]} عثمان بن عفان .

وقيل : الأبكم يعني به أبي بن خلف هو كالأبكم إذ لا ينطق بخير ، وهو كل على قومه كان يؤذيهم ويؤذي عثمان بن مظعون{[39508]} .

{ هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل } [ 76 ] يعني : حمزة بن عبد المطلب . وقيل : هو مثل ضربه [ عز وجل{[39509]} ] لنفسه والصنم المعبود من دونه وهو الأبكم .

والفاضل هو مثل الله .

وقيل الفاضل من الرجلين عثمان بن عفان رضي الله [ عنه{[39510]} ] والأبكم مولى له كافر ، قاله : ابن عباس{[39511]} .

وقال مجاهد : الذي يأمر بالعدل ، هو الله [ عز وجل{[39512]} ] والأبكم ما يدعونن دونه من الأصنام .

قوله : { الحمد لله } [ 75 ] .

أي : الحمد الكامل لله دون من يدعا من دونه من الأوثان{[39513]} .

قوله : { بل أكثرهم لا يعلمون } [ 75 ] .

أي : فعلهم فعل من لا يعلم ، وإن كانوا يعلمون{[39514]} . وقيل معناه : أنهم لا يعلمون وعليهم أن يعلموا .

وقيل إن قوله : { رجلين أحدهما أبكم } [ 76 ] إنما هو مثل للصنم لا يسمع ولا ينطق .

{ وهو كل على مولاه } [ 75 ] أي : كل على من{[39515]} يعبده ويلي أمره ، يحتاج أن يخدمه ويحمله وضعه{[39516]} .

{ أينما{[39517]} يوجهه لايات{[39518]} بخير } [ 76 ] .

أي : لا يفهم ما يقال له فيأتمر{[39519]} لمن أمره ، ولا يأمر ولا ينهى{[39520]} .

{ هل يستوي هو ومن يامر بالعدل } [ 76 ] .

أي : هل يستوي هذا الصنم ، والله الواحد القهار الذي يدعو إلى التوحيد وهو على صراط مستقيم . قاله : قتادة{[39521]} . وقيل : هذا المثل أيضا إنما هو للمؤمن والكافر{[39522]} .

واستدل بعض الفقهاء بهذه الآية أن العبد لا يملك{[39523]} . ومن جعل الآية مثلا لله [ سبحانه{[39524]} ] والصنم لم يكن فيها حجة [ له{[39525]} ] في العبد .


[39491]:ق: وهو المطلق.
[39492]:انظر: معاني الزجاج 3/213.
[39493]:انظر: معاني الزجاج 3/213.
[39494]:ق: والتام والتمييز.
[39495]:ق: عندهم.
[39496]:ق: وهو.
[39497]:ط: سويتم.
[39498]:ساقط من ق.
[39499]:انظر: هذا التفسير في جامع البيان 14/150، ومعاني الزجاج 3/214.
[39500]:ساقط من ق.
[39501]:انظر: هذا القول في مشكل القرآن 383، وغريب القرآن 247، وجامع البيان 14/150. والجامع 10/94، والدر 5/152.
[39502]:انظر: هذا القول في جامع البيان 14/150، والدر 5/151، وفيهما أنه قول ابن عباس.
[39503]:ق: لا ينهق.
[39504]:ط: "أبو الجراب" وفي ق: "الحوات"، وفي أسباب النزول والدر: "أبو الجوزاء".
[39505]:انظر: قول ابن عباس في جامع البيان 14/151، وأسباب النزول 210 والدر 5/115.
[39506]:ساقط من ق.
[39507]:ق: من قوله: "هل يستوي القادر التام" في الصفحة 156 إلى "صراط مستقيم" مكرر.
[39508]:هو عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب الجمحي، أبو السايب، صحابي أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا وشهد بدرا، هو أول من مات بالمدينة وأول من دفن بالبقيع منهم توفي سنة 2 هجرية. انظر: ترجمته في طبقات ابن سعد 3/286 حلية الأولياء 1/102 وصفة الصفوة 1/449، والإصابة 5445.
[39509]:ساقط من ق.
[39510]:انظر : المصدر السابق.
[39511]:انظر: قول ابن عباس في جامع البيان 04/151، والجامع 10/58 والدر 5/152 ولباب النقول 133.
[39512]:ساقط من ق.
[39513]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 14/149.
[39514]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 14/150.
[39515]:ق: ما.
[39516]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 14/150.
[39517]:ق : أين ما.
[39518]:في النسختين: الآيات.
[39519]:ق: فيا ثم.
[39520]:وهو تفسير ابن جرير، انظر جامع البيان 14/151.
[39521]:انظر: قول ابن عباس، انظر: جامع البيان 14/150، والجامع 10/98.
[39522]:وهو قول ابن عباس، انظر: جامع البيان 14/150، والجامع 10/98.
[39523]:وهو قول الشافعية والحنفية، وبه قال الحسن وابن سيرين.
[39524]:ساقط من ق.
[39525]:ساقط من ط.