{ وَضَرَبَ الله مَثَلاً } ، أي : مثلاً آخرَ يدل على ما دل عليه المثلُ السابقُ على وجه أوضحَ وأظهرَ ، وبعد ما أبهم ذلك لتنتظرَ النفسُ إلى وروده وتترقبه حتى يتمكّن لديها عند ورودِه [ فضل تمكن ] بيّن فقيل : { رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ } ، وهو من وُلد أخرسَ { لاَّ يَقْدِرُ على شَيء } من الأشياء المتعلّقةِ بنفسه أو بغيره ، بحدْس أو فراسة ؛ لقِلة فهمِه وسوءِ إدراكِه . { وَهُوَ كَلٌّ } ، ثِقَلٌ وعِيالٌ { على مَوْلاهُ } ، على مَن يعوله ويلي أمرَه ، وهذا بيانٌ لعدم قدرتِه على إقامة مصالحِ نفسه بعد ذكر عدم قدرتِه على شيء مطلقاً ، وقوله تعالى : { أَيْنَمَا يُوَجّههُّ } ، أي : حيث يرسله مولاه في أمر ، بيانٌ لعدم قدرتِه على إقامة مصالحِ مولاه ولو كانت مصلحةً يسيرة ، وقرئ على البناء للمفعول ، وعلى صيغة الماضي من التوجه ، { لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ } ، بنُجْح وكفايةِ مُهمّ البتةَ .
{ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ } ، مع ما فيه من الأوصاف المذكورةِ ، { وَمَن يَأْمُرُ بالعدل } ، أي : مَنْ هو مِنطيقٌ فهِمٌ ذو رأي وكفاية ورشد ، ينفع الناسَ بحثهم على العدل الجامع لمجامعِ الفضائل ، { وَهُوَ } في نفسه مع ما ذكر من نفعه العام للخاص والعام { على صراط مُّسْتَقِيمٍ } . ومقابلةُ الصفاتِ المذكورة عدمُ استحقاقِ المأمورية ، وملخصُ هذين استحقاقُ كمالِ الآمرية المستتبِعِ لحيازة المحاسنِ بأجمعها ، وتغييرُ الأسلوب ، حيث لم يقل : والآخر آمرٌ بالعدل الآية ، لمراعاة الملاءمةِ بينه وبين ما هو المقصودُ من بيان التبايُنِ بين القرينتين . واعلم أن كلاًّ من الفعلين ليس المرادُ بهما حكايةَ الضربِ الماضي ، بل المرادُ إنشاؤُه بما ذُكر عَقيبه ، ولا يبعُد أن يقال : إن الله تعالى ضرب مثلاً بخلق الفريقين على ما هما عليه ، فكان خلقُهما كذلك للاستدلال بعدم تساويهما على امتناع التساوي بينه سبحانه وبين ما يشركون ، فيكون كلٌّ من الفعلين حكايةً للضرب الماضي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.