الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا رَّجُلَيۡنِ أَحَدُهُمَآ أَبۡكَمُ لَا يَقۡدِرُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوۡلَىٰهُ أَيۡنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأۡتِ بِخَيۡرٍ هَلۡ يَسۡتَوِي هُوَ وَمَن يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (76)

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : { ضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم } إلى آخر الآية . يعني بالأبكم الذي { هو كل على مولاه } : الكافر . وبقوله : { ومن يأمر بالعدل } ، المؤمن . وهذا المثل في الأعمال .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر ، عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية { وضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم } ، في رجلين أحدهما عثمان بن عفان ، ومولى له كافر ، وهو أسيد بن أبي العيص ، كان يكره الإسلام ، وكان عثمان ينفق عليه ويكفله ويكفيه المؤنة ، وكان الآخر ينهاه عن الصدقة والمعروف ، فنزلت فيهما .

وأخرج ابن سعد ، وابن أبي شيبة ، والبخاري في تاريخه ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والضياء في المختارة ، عن ابن عباس في قوله : { ومن يأمر بالعدل } ، قال : عثمان بن عفان .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن السدي في الآية قال : هذا مثل ضربه الله للآلهة أيضا . أما الأبكم فالصنم ، فإنه أبكم لا ينطق ، { وهو كل على مولاه } ، ينفقون عليه وعلى من يأتيه ، ولا ينفق عليهم ولا يرزقهم ، { هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل } ، وهو : الله .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر ، عن قتادة في قوله : { أحدهما أبكم } ، قال : هو الوثن ، { هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل } ، قال : الله .

وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن المنذر ، عن ابن عباس في قوله : { كل } ، قال : الكل : العيال . كانوا إذا ارتحلوا حملوه على بعير ذلول ، وجعلوا معه نفراً يمسكونه خشية أن يسقط ، فهو : عناء ، وعذاب ، وعيال عليهم ، { هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم } ، يعني : نفسه .

وأخرج الطبراني عن ابن مسعود أنه قرأ : " خبر " .