مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا رَّجُلَيۡنِ أَحَدُهُمَآ أَبۡكَمُ لَا يَقۡدِرُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوۡلَىٰهُ أَيۡنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأۡتِ بِخَيۡرٍ هَلۡ يَسۡتَوِي هُوَ وَمَن يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (76)

ثم زاد في البيان فقال : { وَضَرَبَ الله مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ على شَىْءٍ } ، الأبكم : الذي ولد أخرس ، فلا يفهم ولا يفهم ، { وَهُوَ كَلٌّ على مَوْلاهُ } ، أي : ثقل وعيال على من يلي أمره ويعوله ، { أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ } ، حيثما يرسله ويصرفه في مطلب حاجة أو كفاية مهم ، لم ينفع ولم يأت بنجح ، { هَلْ يَسْتَوِى هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بالعدل } ، أي : ومن هو سليم الحواس ، نفاع ذو كفايات ، مع رشد وديانة ، فهو يأمر الناس بالعدل والخير ، { وَهُوَ } في نفسه { على صراط مُّسْتَقِيمٍ } ، على سيرة صالحة ودين قويم ، وهذا مثل ثان ضربه لنفسه ولما يفيض على عباده من آثار رحمته ونعمته ، وللأصنام التي هي أموات لا تضر ولا تنفع .