جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا رَّجُلَيۡنِ أَحَدُهُمَآ أَبۡكَمُ لَا يَقۡدِرُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوۡلَىٰهُ أَيۡنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأۡتِ بِخَيۡرٍ هَلۡ يَسۡتَوِي هُوَ وَمَن يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (76)

{ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ } ، أي : جعل رجلين مثلا ، { أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ } ، ولد أخرس ، { لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ } ، من الصنائع لنقصان جسده وعقله ، { وَهُوَ كَلٌّ } ثقل ، { عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ } ، حيثما يرسله سيده في أمر ، { لاَ يَأْتِ بِخَيْر } ، لا يكف مهم مرسله ، { هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ } ، فهم منطيق ذو رشد ينفع الناس أحسن نفع ، { وَهُوَ } في نفسه ، { عَلَى صِرَاطٍ{[2746]} مُّسْتَقِيمٍ } : مسيرة صالحة لا يرجى منه شيء إلا وهو يأتي بأمثل منه فالأول : هو الأصنام لا تسمع ولا تنطق ولا تعقل ، ومع ذلك كلفة إلى عابدها تحتاج إلى أن يخدمها ، والثاني : هو الله القادر ، المتكلم النافع الصمد ، المستغني مطلقا المحتاج إليه ما عداه ، أو مثل للكافر والمؤمن ، وقد نقل أن الأول : في عبد رجل{[2747]} من قريش ، والثاني : في عثمان بن عفان ، والأبكم : الذي هو مولاه ينفق عليه عثمان ، وهو يكره الإسلام ويأباه .


[2746]:ولما قال: إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون و ضرب المثل وصف نفسه بأنه عالم قادر قال: "ولله غيب السماوات" /12 وجيز.
[2747]:نقله ابن جرير عن ابن عباس وراده أن الممثل به في قوله: "ضرب الله مثلا عبدا مملوكا" عبد رجل من قريش وفي قو له: "ضرب الله مثلا رجلين" عبد لعثمان وحاصله أن الممثل به موجود لا مخيل كما هو الشأن أكثر المثل /12 منه.