تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{مَا قُلۡتُ لَهُمۡ إِلَّا مَآ أَمَرۡتَنِي بِهِۦٓ أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمۡۚ وَكُنتُ عَلَيۡهِمۡ شَهِيدٗا مَّا دُمۡتُ فِيهِمۡۖ فَلَمَّا تَوَفَّيۡتَنِي كُنتَ أَنتَ ٱلرَّقِيبَ عَلَيۡهِمۡۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ} (117)

بإبلاغه { أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ } أي : ما دعوتهم إلا إلى الذي أرسلتني به وأمرتني بإبلاغه : { أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ } أي : هذا هو الذي قلت لهم ، { وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ } أي : كنت أشهد على أعمالهم حين كنت بين أظهرهم ، { فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }

قال أبو داود الطيالسي : حدثنا شُعْبَة قال : انطلقت أنا وسفيان الثوري إلى المغيرة بن النعمان فأملاه علي سفيان وأنا معه ، فلما قام انتسخت من سفيان ، فحدثنا قال : سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة ، فقال : " يا أيها الناس ، إنكم محشورون إلى الله ، عز وجل ، حفاة عراة غُرْلا كما بدأنا أول خلق نعيده ، وإن أول الخلائق يُكْسى إبراهيم ، ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : أصحابي . فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك . فأقول كما قال العبد الصالح : { وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } فيقال : إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم " .

ورواه البخاري عند هذه الآية عن الوليد ، عن أبي شعبة - وعن محمد بن كثير ، عن سفيان الثوري ، كلاهما عن المغيرة بن النعمان ، به . {[10535]}


[10535]:مسند الطيالسي برقم (2638) وصحيح البخاري برقم (4625) ورواه مسلم في صحيحه برقم (3023).