فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{مَا قُلۡتُ لَهُمۡ إِلَّا مَآ أَمَرۡتَنِي بِهِۦٓ أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمۡۚ وَكُنتُ عَلَيۡهِمۡ شَهِيدٗا مَّا دُمۡتُ فِيهِمۡۖ فَلَمَّا تَوَفَّيۡتَنِي كُنتَ أَنتَ ٱلرَّقِيبَ عَلَيۡهِمۡۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ} (117)

قوله : { مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ } هذه جملة مقرّرة لمضمون ما تقدّم ، أي ما أمرتهم إلا بما أمرتني : { أَنِ أعبدوا الله رَبّي وَرَبَّكُمْ } هذا تفسير لمعنى { مَا قُلْتُ لَهُمْ } أي ما أمرتهم ، وقيل : عطف بيان للمضمر في { بِهِ } وقيل بدل منه { وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً } أي حفيظاً ورقيباً أرعى أحوالهم وأمنعهم عن مخالفة أمرك { مَا دُمْتُ فِيهِمْ } أي مدّة دوامي فيهم { فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي } قيل : هذا يدل على أن الله سبحانه توفاه قبل أن يرفعه ، وليس بشيء لأن الأخبار قد تضافرت بأنه لم يمت ، وأنه باق في السماء على الحياة التي كان عليها في الدنيا ، حتى ينزل إلى الأرض آخر الزمان ، ومنه قوله تعالى : { الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا } وبمعنى النوم ، ومنه قوله تعالى : { وَهُوَ الذي يتوفاكم بالليل } أي ينيمكم ، وبمعنى الرفع ، ومنه { فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي } . { إِذْ قَالَ الله يا عيسى إِنّي مُتَوَفّيكَ } . { كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ } أصل المراقبة : المراعاة ، أي كنت الحافظ لهم والعالم بهم والشاهد عليهم .

/خ120