[ 117 ] { ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد ( 117 ) } .
{ ما قلت لهم إلا ما أمرتني به } أي ما أمرتهم إلا بما أمرتني به . وإنما قيل : { ما قلت لهم } نزولا على قضية حسن الأدب ، ومراعاة لما ورد في الاستفهام . وقوله تعالى : { أن اعبدوا الله ربي وربكم } تفسير للمأمور به { وكنت عليهم شهيدا ما دمت / فيهم } أي : رقيبا أراعي أحوالهم وأحملهم على العمل بموجب أمرك ، ويتأتى لهم نهيهم عما أشاهده فيهم مما لا ينبغي { فلما توفيتني } أي : بالرفع إلى السماء كما في قوله تعالى : { إني متوفيك ورافعك إلي }{[3313]} والتوفي : أخذ الشيء وافيا . والموت نوع منه . قال تعالى : { الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها }{[3314]} وسبق في قوله تعالى : { يا عيسى إني متوفيك } في ( آل عمران ) زيادة إيضاح على ما هنا . فتذكر { كنت أنت الرقيب عليهم } أي : الناظر لأعمالهم . فمتعت من أردت عصمته من التفوه بذلك . وخذلت من خذلت من الضالين ، فقالوا ما قالوا : { وأنت على كل شيء شهيد } اعتراض تذييلي مقرر لما قبله . وفيه إيذان بأنه تعالى كان هو الشهيد على الكل ، حين كونه عليه السلام فيما بينهم .
دلت الآية على أن الأنبياء ، بعد استيفاء أجلهم الدنيوي ، ونقلهم إلى البرزخ لا يعلمون أعمال أمتهم . وقد روى البخاري{[3315]} هنا عن سعيد بن حبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا أيها الناس ! إنكم محضورون إلى الله حفاة عراة غرلا . ثم قال : { كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين . . . } إلى آخر الآية . ثم قال : / ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم . ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : يا رب ! أصحابي . فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك . فأقول كما قال العبد الصالح : { وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب } فيقال : إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.