لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{بَلَىٰۚ مَنۡ أَسۡلَمَ وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ فَلَهُۥٓ أَجۡرُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (112)

ثم قال تعالى رداً عليهم : { بلى } أي ليس الأمر كما تزعمون ولكن { من أسلم وجهه لله وهو محسن } فإنه الذي يدخل الجنة وينعم فيها ومعنى أسلم وجهه لله أخلص في دينه لله ، وقيل : أخلص عبادته لله . وقيل خضع وتواضع لله ، لأن أصل الإسلام الاستسلام وهو الخضوع ، وإنما خص الوجه بالذكر لأنه أشرف الأعضاء ، وإذا جاد الإنسان بوضع وجهه على الأرض في السجود فقد جاد بجميع أعضائه ، قال عمرو بن نفيل :

وأسلمت وجهي لمن أسلمت *** له الأرض تحمل صخراً ثقالا

وأسلمت وجهي لمن أسلمت ***له المزن تحمل عذباً زلالا

يعني بذلك استسلمت لطاعة من استسلم لطاعته الأرض والمزن ، وهو محسن أي في عمله لله { فله أجره عند ربه } أي ثواب عمله { ولا خوف عليهم } أي في الآخرة { ولا هم يحزنون } أي على ما فاتهم من الدنيا .