{ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } ( 112 )
وقول اليهود { لن } نفي حسنت بعده { بلى } ، إذ هي رد بالإيجاب في جواب النفي( {[1134]} ) ، حرف مرتجل لذلك ، وقيل : هي «بل » زيدت عليها الياء لتنزيلها على حد النسق الذي في «بل » ، و { أسلم } معناه استسلم وخضع ودان ، ومنه قول زيد ابن عمرو بن نفيل :
وأسلمت وجهي لمن أسلمت . . . له المزن تحمل عذباً زلالا( {[1135]} )
وخص الوجه بالذكر لكونه أشرف ما يرى من الإنسان وموضع الحواس وفيه يظهر العز والذل ، ولذلك يقال وجه الأمر أي معظمه وأشرفه ، قال الأعشى : [ السريع ] :
وأول الحكم على وجهه . . . ليس قضائي بالهوى الجائر( {[1136]} )
ويصح أن يكون الوجه في هذه الآية المقصد ، { وهو محسن } جملة في موضع الحال( {[1137]} ) ، وعاد الضمير في { له } على لفظ { من }( {[1138]} ) ، وكذلك في قوله { أجره } ، وعاد في { عليهم } على المعنى ، وكذلك في { يحزنون } ، وقرأ ابن محيصن «فلا خوف » دون تنوين في الفاء المرفوعة ، فقيل : ذلك تخفيف ، وقيل : المراد فلا الخوف فحذفت الألف واللام ، والخوف هو لما يتوقع ، والحزن هو لما قد وقع .
وقوله تعالى : { وقالت اليهود } الآية ، معناه ادعى كل فريق أنه أحق برحمة الله من الآخر .
وسبب الآية أن نصارى نجران اجتمعوا مع يهود المدينة عند النبي صلى الله عليه وسلم فتسابوا ، وكفر اليهود بعيسى وبملته وبالإنجيل ، وكفر النصارى بموسى وبالتوراة .
قال القاضي أبو محمد : وفي هذا من فعلهم كفر كل طائفة بكتابها ، لأن الإنجيل يتضمن صدق موسى وتقرير التوراة ، والتوراة تتضمن التبشير بعيسى وبصحة نبوته ، وكلاهما تضمن صدق محمد صلى الله عليه وسلم ، فعنفهم الله تعالى على كذبهم ، وفي كتبهم خلاف ما قالوا .
وفي قوله : { وهم يتلون الكتاب } تنبيه لأمة محمد صلى الله عليه وسلم على ملازمة القرآن والوقوف عند حدوده ، كما قال الحر بن قيس( {[1139]} ) في عمر بن الخطاب ، وكان وقافاً عند كتاب الله ، و { الكتاب } الذي يتلونه قيل : التوراة والإنجيل ، فالألف واللام للجنس ، وقيل : التوراة لأن النصارى تمتثلها ، فالألف واللام للعهد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.