قوله تعالى : { فاستجاب لهم ربهم } يعني أجاب دعاءهم وأعطاهم ما سألوه { أني } أي وقال لهم أني { لا أضيع عمل عامل منكم } يعني لا أحبط عملكم أيها المؤمنون بل أثيبكم عليه { من ذكر أو أثنى } يعني لا أضيع عمل عامل منكم ذكراً كان أو أنثى عن أم سلمة قالت قلت يا رسول الله ما أسمع الله تعالى ذكر النساء في الهجرة بشيء فأنزل الله تعالى : { أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض إلى - والله عنده حسن الثواب } أخرجه الترمذي وغيره .
وقوله تعالى : { بعضكم من بعض } يعني في الدين والنصرة والموالاة . وقيل كلكم من آدم وحواء وقيل بمعنى الكاف أي بعضكم كبعض في الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية فهو كما يقال : فلان يعني على خلقي وسيرتي وقيل إن الرجال والنساء في الطاعة على شكل واحد { فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي } يعني المهاجرين الذين هجروا أوطانهم وأهليهم وأذاهم المشركون بسبب إسلامهم ومتابعتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجوا مهاجرين إلى الله ورسوله وتركوا أوطانهم وعشائرهم لله ورسوله ومعنى { في سبيلي } في طاعتي وديني وابتغاء مرضاتي وهم المهاجرون الذين أخرجهم المشركون من مكة فهاجر طائفة إلى الحبشة وطائفة إلى المدينة قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد هجرته فلما استقر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة رجع إليه من كان هاجر إلى الحبشة من المسلمين { وقاتلوا وقتلوا } يعني وقاتلوا العدو واستشهدوا في جهاد الكفار { لأكفرن عنهم سيئاتهم } يعني لأمحون عنهم ذنوبهم ولأغفرنها لهم { ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثواباً من عند الله } يعني ذلك الذي أعطاهم من تكفير سيئاتهم وإدخالهم الجنة ثواباً من فضل الله وإحسانه إليهم { والله عنده حسن الثواب } وهذا تأكيد لكون ذلك الثواب الذي أعطاهم من فضله وكرمه لأنه جواد كريم روى ابن جرير الطبري بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن أول ثلة تدخل الجنة فقراء المهاجرين الذين يتقى بهم المكاره إذا أمروا سمعوا وأطاعوا وإن كانت لرجل منهم حاجة إلى سلطان لم تقض له حتى يموت وهي في صدره " . فإن الله عز وجل يدعو يوم القيامة الجنة فتأتي بزخرفها وزينتها فيقول أين عبادي الذين قاتلوا في سبيلي وقتلوا وأوذوا في سبيلي وجاهدوا في سبيلي ، ادخلوا الجنة فيدخلونها بغير عذاب ولا حساب وتأتي الملائكة فيسجدون ويقولون : ربنا نحن نسبح لك الليل والنهار ونقدس لك ؛ من هؤلاء الذين آثرتهم علينا ؟ فيقول الرب عز وجل : هؤلاء عبادي الذين قاتلوا في سبيلي وأوذوا في سبيلي فتدخل الملائكة عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.