اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَٱسۡتَجَابَ لَهُمۡ رَبُّهُمۡ أَنِّي لَآ أُضِيعُ عَمَلَ عَٰمِلٖ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰۖ بَعۡضُكُم مِّنۢ بَعۡضٖۖ فَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَٰتَلُواْ وَقُتِلُواْ لَأُكَفِّرَنَّ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡ وَلَأُدۡخِلَنَّهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ ثَوَابٗا مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسۡنُ ٱلثَّوَابِ} (195)

{ فَاسْتَجَابَ } بمعنى : أجَابَ ويتعدى بنفسه وباللام ، وتقدم تحقيقه في قوله : { فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي } .

ونقل تاج القراء أن " أجَابَ " عام ، و " اسْتَجَابَ " خاص في حصول المطلوب .

قال الحسن : ما زالوا يقولون ربنا ربنا حتى استجاب لهم . وقال جعفر الصادق : من حزبه أمرٌ فقال خمس مرات " ربّنا " نجّاه مما يخاف ، وأعطاه ما أراد ، قيل : وكيف ذلك ؟ قال اقرءوا : { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً } إلى قوله :{ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ }

[ آل عمران : 194 ] .

قوله تعالى : { أَنِّي لاَ أُضِيعُ } الجمهور على فتح " أن " والأصل : بأني ، فيجيء فيها المذهبان ، وقل أن يأتي على هذا الأصل ، وقرأ عيسى{[6301]} بن عمر بالكسر ، وفيها وجهان :

أحدهما : على إضمار القول أي : فقال : إني .

والثاني : أنه على الحكاية ب " استجاب " ؛ لأن فيه معنى القول ، وهو رأي الكوفيين .

قوله : " لا أضيع " الجمهور على " أضيع " من أضاع ، وقرئ{[6302]} بالتشديد والتضعيف ، والهمزة فيه للنقل كقوله : [ الطويل ]

كمُرْضِعَةٍ أوْلاَدَ أخْرَى وَضَيَّعَتْ *** بَنِي بَطْنِهَا هَذَا الضَّلالُ عَنِ الْقَصْدِ{[6303]}

قوله : " منكم " في موضع جر صفة ل : " عامل " ، أي : كائناً منكم .

قوله : { من ذكر وأنثى } فيه خمسة أوجهٍ :

أحدها : أن " مِنْ " لبيان الجنسِ ، بيِّن جنس العامل ، والتقدير : الذي هو ذكرٌ أو أنثى ، وإن كان بعضهم قد اشترطَ في البيانيةِ أنْ تدخلَ على معرَّفٍ بلامِ الجنسِ .

ثانيها : أنَّهَا زائدةٌ ، لتقدم النفي في الكلام ، وعلى هذا فيكون { مِّن ذَكَرٍ } بدلاً من نفس " عَامِلٍ " ، كأنه قيل : عامل ذكر أو أنثى ، ولكنْ فيه نظرٌ ؛ من حيثُ إنَّ البدلَ لا يُزاد فيه " من " .

ثالثها : أنها متعلقة بمحذوف ؛ لأنها حالٌ من الضمير المستكن في " مِنْكُمْ " ؛ لأنه لما وقع صفة تحمَّل ضميراً ، والعامل في الحال العامل في " مِنْكُمْ " أي : عامل كائن منكم كائناً من ذكر .

رابعها : أن يكون " مِنْ ذكرٍ " بدلاً من " مِنْكُمْ " قال أبو البقاء : " وهو بدلُ الشيء من الشيء ، وهما لعين واحدة " .

يعني فيكون بدلاً تفصيليًّا بإعادة العامل ، كقوله : { لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ }

[ الأعراف : 75 ] وقوله : { لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ } [ الزخرف : 33 ] وفيه إشكالٌ من وجهينِ :

الأول : أنه بدل ظاهر من حاضر في بدل كل من كل ، وهو لا يجوز إلا عند الأخفش ، وقيَّد بعضُهم جوازه بأن يفيد إحاطة ، كقوله : [ الطويل ]

فَمَا بَرِحَتْ أقْدامُنَا فِي مَكَانِنَا *** ثَلاَثَتُنَا حَتَّى أرينَا الْمَنَائِيَا{[6304]}

وقوله تعالى : { تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا } [ المائدة : 114 ] فلما أفاد الإحاطةَ والتأكيدَ جاز ، واستدل الأخْفَش بقول الشّاعرِ : [ البسيط ]

بِكُمْ قُرَيْشٍ كُفِينَا كُلَّ مُعْضِلَةٍ *** وَأمَّ نَهْجَ الْهُدَى مَنْ كَانَ ضِلِّيلا{[6305]}

وقول الآخرِ : [ الطويل ]

وَشَوْهَاءَ تَعْدُو بِي إلَى صَارِخِ الْوَغَى *** بِمُسْتَلئِمٍ مِثْلِ الْفَنِيقِ المُدَجَّلِ{[6306]}

ف " قريش " بدلٌ من " كم " و " بمستلئم " بدل من " بي " بإعادة حرف الجر ، وليس ثَمَّ إحاطة ولا تأكيد ، فمذهبه يتمشى على رأي الأخفشِ دون الجمهورِ .

الثاني : أن البدلَ التفصيليّ لا يكون ب " أو " إنما يكون بالواو ؛ لأنها للجمع .

كقولِ الشّاعرِ : [ الطويل ]

وَكُنْتُ كَذِي رِجْلَيِنِ رِجْلٍ صَحِيحَةٍ *** وَرِجْلٍ رَمَى فِيهَا الزَّمَانُ فَشَلَّتِ{[6307]}

ويُمكن أن يجابَ عنه بأن " أو " قد تأتي بمعنى الواو .

كما في قول الشّاعرِ : [ الكامل ]

قَوْمٌ إذَا سَمِعُوا الصَّرِيخَ رَأَتَهُمْ *** مَا بَيْنَ مُلْجِمِ مُهْرِهِ أوْ سَافِعِ{[6308]}

ف " أو " بمعنى الواو ، لأن " بين " لا تدخل إلا على متعدد ، وكذلك هنا لما كان " عامل " عاماً أبْدِلَ منه على سبيل التوكيدِ ، وعطف على أحد الجزأين ما لا بد له منه ؛ لأنه لا يؤكَّد العموم إلا بعموم مثله .

خامسها : أن يكون { مِّن ذَكَرٍ } صفة ثانية لِ " عامل " قصد بها التوضيح ، فيتعلق بمحذوف كالتي قبلها .

قوله : { بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ } مبتدأٌ وخبرٌ ، وفيه ثلاثةُ أوجهٍ :

الأولُ : أنَّ هذه الجملةَ استئنافيةٌ ، جيء بها لتبيين شركة النساء مع الرجالِ في الثَّواب الذي وَعَدَ الله به عباده العاملين ؛ لأنه روي في سبب النزولِ ، أنَّ أمَّ سلمة رضي الله عنها قالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ إني لأسْمَع الله يذكر الرِّجَالَ في الهجرة ، ولا يذكر النَِّسَاءَ ، فنزلت الآية .

والمعنى : كما أنكم من أصلٍ واحدٍ ، وأن بعضكم مأخوذٌ من بعضٍ ، كذلك أنتم في ثواب العملِ ، لا يُثابُ عامل دون امرأةٍ عاملةٍ . وعبَّر الزمخشريُّ عن هذا بأنها جملة معترضة ، قال : " وهذه جملةٌ معترضةٌ ثبت بها شركة النساءِ مع الرّجال فيما وعد اللَّهُ عباده العاملينَ " .

ويعني بالاعتراض أنها جيء بها بين قوله : { عَمَلَ عَامِلٍ } وبين ما فُصِّل به عملُ العاملِ من قوله : { فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ } ولذا قال الزمخشريُّ : { فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ } تفصيل لعمل العاملِ منهم على سبيل التعظيمِ لَهُ .

الثاني : أنَّ هذه الجملَة صِفَةٌ .

الثالث : أنَّها حالٌ ، ذكرهما أبو البقاءِ ، ولم يُعيِّن الموصوف ولا ذا الحال ، وفيه نظرٌ .

قال الكلبي : { بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ } في الدين والنصرة والموالاة .

وقيل : كلكم من آدم وحوَّاء ، وقال الضّحّاك : [ رجالكم ] شكب نسائكم ، ونساؤكم شكل رجالِكم في الطاعات ؛ لقوله : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } [ التوبة : 71 ] .

وقيل : " مِنْ " بمعنى اللامِ ، أي : بعضكم لبعض ومثل بعض في الثّواب على الطاعة والعقاب على المعصية .

قال القفَّالُ : هذا من قولكم : فلان مني ، أي : عَلَى خلقي وسيرتي . قال تعالى :

{ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي } [ البقرة : 249 ] وقال - عليه السَّلامُ : " مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا " فقوله : { بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ } أي : بعضكم شبه بعض في استحقاق الثوابِ على الطَّاعة والعقاب على المعصية .

فصل

ليس المرادُ أنه لا يُضِيع نفس العمل ؛ لأن العملَ - كما وجد - تلاشى وفني ، بل المرادُ أنه لا يُضِيع ثوابَ العملِ ، والإضاعة : عبارة عن تَرْكِ الإثابةِ ، فقوله : " لاَ أضِيعُ " نفي للنفي ، فيكون إثباتاً ، فيصير المعنى : إني أوَصِّل ثوابَ أعمالِكم إليكم ، وإذا ثبت ذلك فالآية دالَّةٌ على أن أحَداً من المؤمنين لا يُخَلَّد في النار ؛ لأنه بعمله الصالح استحق ثواباً ، وبمعصيته استحق عقاباً ، فلا بد من وصولهما إليه - بحكم هذه الآية - والجمع بينهما مُحَالٌ ، فإما أن يقدم الثواب ، ثم يعاقب ، وهو باطلٌ بالإجماعِ ، أو يقدم العقاب ، ثم ينقل إلى الثّوابِ . وهو المطلوب .

فإن قيلَ : القوم طلبوا - أولاً - غفران الذنوب ، وثانياً : إعطاء الثواب ، فقوله : { أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى } إجابة لهم في إعطاء الثواب ، فأين الجوابُ في طلب غُفْران الذنوب .

فالجواب أنه لا يلزم من إسقاط العذاب حصول الثواب ، لكن يلزم من حصول الثّوابِ إسقاط العذاب فصار قوله : { أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ } إجابةً لدعائهم في المطلوبَيْن .

قال ابنُ الخطيبِ : " وعندي - في الآية - وَجْه آخر ، وهو أن المراد من قوله : { أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ } أي لا أُضيع دُعاءكم . وعدم إضاعة الدعاء عبارة عن إجابة الدعاء ، فكان المراد منه أنه حصلت إجابة دعائكم في كل ما طلبتموه وسألتموه " .

قوله : { فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ } مبتدأ ، وقوله : { لأُكَفِّرَنَّ } جواب قسم محذوف ، تقديره : والله لأكَفِّرَنَّ ، وهذا القسم وجوابه خبر لهذا المبتدأ . وفي هذه الآية ونظائرها من قوله تعالى : { وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } [ العنكبوت : 69 ] وقولِ الشاعر : [ الكامل ]

جَشَأتْ فَقُلْتُ اللَّذْ جَشَأتِ لَيَأتِيَنْ *** وَإذَا أتَاكِ فَلاَتَ حِينَ مَنَاصِ{[6309]}

رَدٌّ على ثعلبٍ ؛ حيث زعم أن الجملةَ القسميةَ لا تقع خبراً ، وله أن يقول : هذه معمولة لقول مُضْمَر هو الخبرُ - وله نظائر .

والظاهرُ أن هذه الجُمَل - التي بعد الموصولِ - كُلَّها صِلات له ، فلا يكون الخبرُ إلا لمن جمع بين هذه الصفاتِ : المهاجرة ، والقَتْل ، والقتال .

ويجوز أن يكون ذلك على التنويع ، ويكون قد حَذف الموصولات لفَهْم المعنى وهو مذهب الكوفيين كما تقدم ، والتقدير : فالذين هاجروا والذين أخْرِجوا ، والذين قاتلوا ، فيكون الخبر بقوله : { لأُكَفِّرَنَّ } عمن اتصف بواحدةٍ من هذه . وقرأ جمهورُ السبعة : " وَقَاتَلُوا وَقُتِلوا " ببناء الأول للفاعلِ من المفاعَلةِ ، والثاني للمفعول ، وهي قراءة واضحة . وابنُ عامرٍ ، وابن كثيرٍ كذلك ، إلا أنهما شدَّدَا التاء من " قُتلوا " للتكثير{[6310]} ، وحمزة والكسائي بعكس هذا{[6311]} ، ببناء الأولِ للمفعول ، والثاني للفاعلِ ، وتوجيه هذه القراءة بأحدِ معنيينِ :

الأول : أنّ الواو لا تقتضي الترتيب ، كقوله : { وَاسْجُدِي وَارْكَعِي } [ آل عمران : 43 ] فلذلك قدم معها ما هو متأخرٌ عنها في المعنى ، هذا إن حَمَلْنا ذلك على اتحاد الأشخاصِ الذِينَ صدر منهم هذانِ الفعلانِ .

الثاني : أن تحمل ذلك على التوزيع ، أي : منهم مَنْ قُتِل ، ومنهم مَنْ قاتل كقولهم : قُتِلْنا ورَبِّ الكعبة إذا ظهرت أماراتُ القتلِ فيهم وهذه الآيةُ في المعنى كقوله : { قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ } [ آل عمران : 146 ] والخلافُ في هذه كالخلافِ في قوله : { فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ } [ التوبة : 111 ] والتوجيهُ هناك كالتوجيهِ هنا . وقرأ عمر بن عبد العزيز{[6312]} وقَتَلوا وقُتِلوا - ببناء الأولِ للفاعل ، والثاني للمفعول - من " فعل " ثلاثياً ، وهي كقراءة الجماعة ، وقرأ محارب بن دثار{[6313]} : وقَتَلوا وقَاتَلُوا - ببنائهما للفاعل - وقرأ طلحة بن مُصرِّف{[6314]} : وقُتِّلوا وقاتلوا ، كقراءة حمزة والكسائي ، إلا أنه شدد التاء ، والتخريج كتخريج قراءتهما . ونقل أبو حيّان - عن الحسنِ وأبي رجاء - قاتلوا وقتّلوا ، بتشديد التاءِ من " قُتّلوا " وهذه هي قراءة ابن كثيرٍ وابن عامرٍ - كما تقدم - وكأنه لم يعرف أنها قراءتهما .

فصل

هذه في المهاجرينَ الذين أخرجهم المشركون من ديارهم ، فقوله : { وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي } أي : في طاعتي وديني .

{ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً } قوله : " ثواباً " في نصبه ثمانية أوجهٍ :

أحدها : أنه نصب على المصدر المؤكد ؛ لأن معنى الجملةِ قبله تقتضيه ، والتقدير : لأثيبَنَّهم إثابة أو تثويباً ، فوضع " ثَوَاباً " موضع أحد هذينِ المصدرينِ ؛ لأن الثوابَ - في الأصل - اسم لما يُثَابُ به ، كالعطاء - اسم لما يُعْطَى - ثم قد يقعان موضع المصدر ، وهو نظير قوله : { صُنْعَ اللَّهِ } [ النمل : 88 ] و{ وَعْدَ اللَّهِ } [ القصص : 13 ] في كونهما مؤكدينِ .

ثانيهما : أن يكون حالاً من " جَنَّاتٍ " أي : مثاباً بها - وجاز ذلك وإن كانت نكرة ؛ لتخصصها بالصفة .

ثالثها : أنها حالٌ من ضمير المفعول ، أي : مثابين .

رابعها : أنه حالٌ من الضمير في " تَجْرِي " العائد على " جَنَّات " وخصَّص أبو البقاء كونه حالاً بجَعْله بمعنى الشيء المُثَاب بِهِ ، قال : وقد يقع بمعنى الشيء المثاب به ، كقولك : هذا الدرهم ثوابك ، فعلى هذا يجوز أن يكونَ حالاً من [ ضمير الجنّاتِ ، أي : مثاباً بها ، ويجوز أن يكون حالاً من ]{[6315]} ضمير المفعول به في " لأدْخِلَنَّهُم " .

خامسها : نصبه بفعل محذوف ، أي : نعطيهم ثواباً .

سادسها : أنه بدل من " جَنَّاتٍ " وقالوا : على تضمين " لأدْخِلَنَّهُمْ " لأعْطِيَنَّهُمْ ، لما رأوا أنَّ الثوابَ لا يصح أن ينسب إليه الدخولُ فيه ، احتاجوا إلى ذلك .

ولقائل أن يقول : جعل الثواب ظرفاً لهم ، مبالغة ، كما قيل في قوله : { تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ } [ الحشر : 9 ] .

سابعها : أنه نصب على التمييز ، وهو مذهب الفرّاء .

ثامنها : أنه منصوبٌ على القطعِ ، وهو مذهبُ الكسائيّ ، إلا أن مَكِّياً لما نقل هذا عن الكسائي فَسَّر القطع بكونه على الحالِ ، وعلى الجملة فهذانِ وجهانِ غريبانِ .

وقوله : { مِّن عِندِ اللَّهِ } صفةٌ له ، وهذا يدل على كون ذلك الثَّوابِ في غايةِ الشرف ، كقول السلطانِ العظيم : أخلع عليك خلعة من عندِي .

قوله : { وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ } الأحسن أن يرتفع { حُسْنُ الثَّوَابِ } على الفاعلية بالظرف قبله ؛ لاعتماده على المبتدأ قَبْله ، والتقدير : والله استقر عنده حُسْنُ الثَّوابِ .

ويجوز أن يكون مبتدأ ، والظرف قبله خبره ، والجملة خبرُ الأولِ .

وإنما كان الوجه الأول أحسنَ ؛ لأنّ فيه الإخبار بمفرد - وهو الأصل - بخلاف الثّانِي ، فإنَّ الإخبار فيه بجملة وهذا تأكيد لكونه ذلك الثوابِ في غايةِ الشرفِ .


[6301]:انظر: المحرر الوجيز 1/577، والبحر المحيط 3/150، والدر المصون 2/287.
[6302]:انظر: البحر المحيط 3/150، والدر المصون 2/287.
[6303]:ينظر البحر المحيط 3/150، والدر المصون 2/287.
[6304]:البيت لعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ينظر المقاصد النحوية 4/188، ولبعض الصحابة في شرح عمدة الحافظ ص 588، وشرح الأشموني 2/439، والمقاصد النحوية 4/188. والدر المصون 2/288.
[6305]:البيت لعدي بن زيد ينظر شرح التصريح 2/161 وشذور الذهب ص 443 والبحر المحيط 3/151، والدر المصون 2/288.
[6306]:البيت لذي الرمة ينظر ديوانه ص 1499، وشرح عمدة الحافظ ص 589، ولسان العرب (دجل) والمقاصد النحوية 4/195، والدر المصون 2/288.
[6307]:تقدم.
[6308]:تقدم برقم 688.
[6309]:ينظر شرح شواهد المغني 2/830، ومغني اللبيب 2/407. والبحر المحيط 3/153، والدر المصون 2/289.
[6310]:انظر: السبعة 221، 222، والحجة 3/116 ـ 117، والعنوان 82، وحجة القراءات 187، وشرح الطيبة 4/185، 186، وشرح شعلة 330، 331، وإتحاف 1/498، 499.
[6311]:انظر السابق.
[6312]:انظر: المحرر الوجيز 1/558، والبحر المحيط 3/152، والدر المصون 2/289.
[6313]:السابق.
[6314]:السابق.
[6315]:سقط في أ.