صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ} (6)

{ من الجنة والناس } بيان للشيطان الذي يوسوس للإنسان ، وأنه كما يكون من الجن يكون من الإنس ؛ وكل من يفعل ذلك منهما يقال له شيطان ؛ إذ هو لغة كل عات متمرد من الجن والإنس والدواب . وعن قتادة : أن من الجن شياطين ، ومن الإنس شياطين ؛ فنعوذ بالله من شياطين الإنس والجن . ويشير إلى ذلك قوله تعالى : { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرور }{[419]} .

ختام السورة:

وعن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا آوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ، ثم ينفث فيهما فيقرأ : " قل هو الله أحد " و " قل أعوذ برب الفلق " و " قل أعوذ برب الناس " ، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده ؛ يبدأ بهما على رأسه ووجهه ، وما أقبل من جسده ، يفعل ذلك ثلاث مرات .

ونختم القول بما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قيل : يا رسول الله ، أي الأعمال أحب إلى الله تعالى ؟ قال : " الحال المرتحل " . قيل : وما الحال المرتحل ؟ قال : " الذي يضرب من أول القرآن إلى آخره ، كلما حل ارتحل " أخرجه الترمذي .

والله سبحانه أعلم بمراده وأسرار كتابه .

ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ، ربنا إنك رءوف رحيم . وصلى الله على سيدنا محمد سيد المرسلين ، وعلى آله وأصحابه ، ومن دعا بدعوته ، وقام بنشر سنته ، إلى يوم الدين . ! .

هذا ، وقد أتم الله تعالى النعمة ، وأعظم المنة بالتوفيق لإتمام هذا التفسير في صبيحة يوم السبت السادس من شهر ربيع الأول من سنة 1375 ( ألف وثلاثمائة وخمس وسبعين هجرية . والموافق للثاني والعشرين من شهرا أكتوبر سنة 1955 ألف وتسعمائة وخمس ميلادية ) بالقاهرة .

على يد جامعه الفقير تعالى حسنين محمد مخلوف العدوي الأزهري ، مفتى الديار المصرية السابق ، وعضو جماعة كبار العلماء بالأزهر الشريف ، ورئيس لجنة الفتوى به ؛ عفا الله عنه بمنه وكرمه ، ابن العلامة المحقق شيخ الشيوخ بالأزهر : الشيخ محمد حسنين مخلوف العدوي المالكي ، ابن العلامة الشيخ حسنين محمد علي مخلوف العدوي المالكي الأزهري ؛ رحمهما الله تعالى .


[419]:آية 112 الأنعام.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ} (6)

قوله : { من الجنة والناس } أي أن الموسوس قد يكون من الجن أو من الإنس ، فهما بذلك شيطانان . أما شيطان الجن فإنه يوسوس في صدور الناس ، وأما شيطان الإنس فإنه يأتي علانية . قال قتادة : إن من الجن شياطين ، وإن من الإنس شياطين . فتعوذ بالله من شياطين الإنس والجن .

وقيل : إن قوله : { من الجنة والناس } بيان للناس ، وإن اسم الناس ينطلق على الجنة{[4887]} .

تم هذا التفسير بعون الله ومشيئته وفضله وتوفيقه في العشاء الآخرة من ليلة الأربعاء في الرابع والعشرين من شهر صفر لعام سبعة عشر وأربعمائة وألف للهجرة . الموافق للعاشر من تموز عام ستة وتسعين وتسعمائة وألف للميلاد .

أسأل الله جلت قدرته أن يسهم هذا الجهد في الإعراب عن عظيم الشأن للقرآن الكريم ، وفي إظهار ما تضمنه هذا الكتاب المعجز الفذ من عجيب المعاني والأخبار والحقائق ، ليستيقن الناس أن هذا القرآن لهو أعظم الحقائق اليقينية في هذا الوجود .

ثم أسأله عز شأنه أن يكون ما بذلناه في هذا التفسير متقبّلا ، وأن يدفع عنا به غوائل الشرور والموبقات والخطايا ، وأن يكون لنا فرطا يوم التناد ، فنظفر بالسعادة والنجاة والرضوان . والحمد لله رب العالمين .


[4887]:تفسير القرطبي جـ 20 ص 261- 264 وتفسير الطبري جـ 30 ص 228، 229 والكشاف جـ 4 ص 303 وتفسير ابن كثير جـ 4 ص 575.