صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا ٱلسَّاعَةَ أَن تَأۡتِيَهُم بَغۡتَةٗۖ فَقَدۡ جَآءَ أَشۡرَاطُهَاۚ فَأَنَّىٰ لَهُمۡ إِذَا جَآءَتۡهُمۡ ذِكۡرَىٰهُمۡ} (18)

{ فهل ينظرون إلا الساعة . . } أي لم يذكهم بإتيان الساعة ما مضى من أحوال الأمم وما جاء من أخبارها ، فما ينتظرون للتذكر إلا إتيان الساعة نفسها فجأة ؛ إذ لم يبق من الأمور الموجبة للتذكر سوى المفاجأة بها ، فقد ظهرت علامتها ولم يرفعوا لها رأسا ؛ فيكون إتيانها بطريق المفاجأة لا محالة . و " أشراطها " علاماتها ، ومنها بعثته صلى الله عليه وسلم . جمع شرط – بالتحريك – وهو العلامة ، وأصله الإعلام . يقال : أشرط فلان نفسه لكذا ،

أعلمها له وأعدها ؛ ومنه الشرطي – كتركي وجهني – الجمع شرط . سموا بذلك لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها{ فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم } فكيف لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة بغتة ؟ .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا ٱلسَّاعَةَ أَن تَأۡتِيَهُم بَغۡتَةٗۖ فَقَدۡ جَآءَ أَشۡرَاطُهَاۚ فَأَنَّىٰ لَهُمۡ إِذَا جَآءَتۡهُمۡ ذِكۡرَىٰهُمۡ} (18)

قوله تعالى : { فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتةً } أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن سورة محمد الداودي ، أنبأنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت ، حدثنا أبو إسحاق الهاشمي ، حدثنا الحسين ، أنبأنا الحسن ، أنبأنا ابن المبارك ، أنبأنا معمر بن راشد ، عمن سمع المقبري يحدث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما ينتظر أحدكم من الدنيا إلا غنىً مطفياً ، أو فقراً منسياً ، أو مرضاً مفسداً ، أو هرماً مقيداً ، أو موتاً مجهزاً ، أو الدجال فالدجال شر غائب ينتظر ، أو الساعة والساعة أدهى وأمر " قوله عز وجل : { فقد جاء أشراطها } أي أماراتها وعلاماتها ، وأحدها : شرط ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة .

أخبرني عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا أحمد بن المقدام ، حدثنا فضل بن سليمان ، حدثنا أبو حازم ، أنبأنا سهل بن سعد قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بأصبعيه هكذا ، بالوسطى والتي تلي الإبهام : " بعثت أنا والساعة كهاتين " .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا حفص بن عمر الحوضي ، حدثنا هشام ، عن قتادة ، عن أنس قال : لأحدثنكم بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحدثنكم به أحد غيري ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ، ويكثر الجهل ، ويكثر الزنا ، ويكثر شرب الخمر ، ويقل الرجال ويكثر النساء ، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد " .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، أنبأنا محمد بن إسماعيل ، أنبأنا محمد بن سنان ، أنبأنا فليح ، حدثنا هلال بن علي ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم إذ جاءه أعرابي فقال : متى الساعة ؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث ، فقال بعض القوم : سمع ما قال فكره ما قال : وقال بعضهم : بل لم يسمع حتى إذا قضى حديثه ، قال : أين السائل عن الساعة ؟ قال : ها أنا يا رسول الله ، قال : فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة . قال : كيف إضاعتها ؟ قال :إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة " . قوله عز وجل : { فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم } فمن أين لهم التذكير والاتعاظ والتوبة إذا جاءتهم الساعة ؟ نظيره : { يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى }( الفجر-23 ) .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا ٱلسَّاعَةَ أَن تَأۡتِيَهُم بَغۡتَةٗۖ فَقَدۡ جَآءَ أَشۡرَاطُهَاۚ فَأَنَّىٰ لَهُمۡ إِذَا جَآءَتۡهُمۡ ذِكۡرَىٰهُمۡ} (18)

{ فهل ينظرون } ينتظرون { إلا الساعة } القيامة { أن تأتيهم بغتة } أي هم في الحقيقة كذلك لأنه ليس الأمر إلا أن تقوم عليهم الساعة بغتة { فقد جاء أشراطها } علاماتها من بعث محمد ص وغيره { فأنى لهم إذا جاءتهم } الساعة { ذكراهم } أي فمن أين لهم أن يتذكروا أو يتوبوا بعد مجيء الساعة

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا ٱلسَّاعَةَ أَن تَأۡتِيَهُم بَغۡتَةٗۖ فَقَدۡ جَآءَ أَشۡرَاطُهَاۚ فَأَنَّىٰ لَهُمۡ إِذَا جَآءَتۡهُمۡ ذِكۡرَىٰهُمۡ} (18)

قوله تعالى : " فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة " أي فجأة . وهذا وعيد للكفار . " فقد جاء أشراطها " أي أماراتها وعلاماتها . وكانوا قد قرؤوا في كتبهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء ، فبعثه من أشراطها وأدلتها ، قاله الضحاك والحسن . وفي الصحيح عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ بعثت أنا والساعة كهاتين ] وضم السبابة والوسطى ، لفظ مسلم : وخرجه البخاري والترمذي وابن ماجه . ويروى [ بعثت والساعة كفرسي رهان ] . وقيل : أشراط الساعة أسبابها التي هي دون معظمها . ومنه يقال للدون من الناس : الشرط . وقيل : يعني علامات الساعة انشقاق القمر والدخان ، قال الحسن أيضا . وعن الكلبي : كثرة المال والتجارة وشهادة الزور وقطع الأرحام ، وقلة الكرام وكثرة اللئام . وقد أتينا على هذا الباب في كتاب " التذكرة " مستوفى والحمد لله . وواحد الأشراط شرط ، وأصله الأعلام . ومنه قيل الشرط ، لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها . ومنه الشرط في البيع وغيره . قال أبو الأسود :

فإن كنت قد أزمعت بالصَّرْمِ بيننا *** فقد جعلتِ أشراط أوله تبدو

ويقال : أشرط فلان نفسه في عمل كذا أي أعلمها وجعلها له . قال أوس بن حجر يصف رجلا تدلى بحبل من رأس جبل إلى نبعة{[13932]} يقطعها ليتخذ منها قوسا :

فأشرط نفسَه فيها وهو مُعْصِمٌ *** وألقى بأسبابٍ له وتوكلا

" أن تأتيهم بغتة " " أن " بدل اشتمال من " الساعة " ، نحو قوله : " أن تطؤوهم " [ الفتح : 25 ] من قوله : " رجال مؤمنون ونساء مؤمنات " {[13933]} [ الفتح : 25 ] . وقرئ " بغتة " بوزن جَرَبَّة{[13934]} ، وهي غريبة لم ترد في المصادر أختها ، وهي مروية عن أبي عمرو . الزمخشري : وما أخوفني أن تكون غلطة من الراوي عن أبي عمرو ، وأن يكون الصواب " بغتة " بفتح الغين من غير تشديد ، كقراءة الحسن . وروى أبو جعفر الرؤاسي وغيره من أهل مكة " إن تأتهم بغتة " . قال المهدوي : ومن قرأ " إن تأتهم بغتة " كان الوقف على " الساعة " ثم استأنف الشرط . وما يحتمله الكلام من الشك مردود إلى الخلق ، كأنه قال : إن شكوا في مجيئها " فقد جاء أشراطها " .

قوله تعالى : " فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم " " ذكراهم " ابتداء و " أنى لهم " الخبر . والضمير المرفوع في " جاءتهم " للساعة ، التقدير : فمن أين لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة ، قال معناه قتادة وغيره . وقيل : فكيف لهم بالنجاة إذا جاءتهم الذكرى عند مجيء الساعة ، قاله ابن زيد . وفي الذكرى وجهان : أحدهما : تذكيرهم بما عملوه من خير أو شر . الثاني : هو دعاؤهم بأسمائهم تبشيرا وتخويفا ، روى أبان عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ أحسنوا أسماءكم فإنكم تدعون بها يوم القيامة يا فلان قم إلى نورك يا فلان قم لا نور لك ] ذكره الماوردي .


[13932]:النبعة (واحدة النبع): شجرة من أشجار الجبال يتخذ منها القسيّ.
[13933]:آية 25 سورة الفتح.
[13934]:الجربة (الفتح والتشديد): القطيع من حمر الوحش. وقد يقال للأقوياء من الناس إذا كانوا جماعة متساوين: جربة.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا ٱلسَّاعَةَ أَن تَأۡتِيَهُم بَغۡتَةٗۖ فَقَدۡ جَآءَ أَشۡرَاطُهَاۚ فَأَنَّىٰ لَهُمۡ إِذَا جَآءَتۡهُمۡ ذِكۡرَىٰهُمۡ} (18)

ولما كان أشد ما يتقى القيامة التي هم بها مكذبون ، سبب عن اتباعهم الهوى قوله تعالى : { فهل ينظرون } أي ينتظرون ، ولكنه جرده{[59585]} إشارة إلى شدة قربها { إلا الساعة } ولما كان كأنه قيل : ما-{[59586]} ينتظرون من أمرها ؟ {[59587]}أبدل منها قوله{[59588]} : { أن تأتيهم } أي تقوم عليهم ، وعبر بالإتيان زيادة في التخويف{[59589]} { بغتة } أي فجاءة من غير شعور بها ولا استعداد لها .

ولما دل ذلك على مزيد القرب ، وكان مجيء علامات الشيء أدل على قربه مع الدلالة على عظمته ، قال معللاً للبغتة{[59590]} : { فقد } {[59591]}ودل على القوة بتذكير الفعل فقال{[59592]} : { جاء أشراطها } أي علاماتها{[59593]} المنذرات بها من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم{[59594]} " بعثت أنا والساعة كهاتين " انشقاق القمر المؤذن بآية الشمس في طلوعها من مغربها وغير ذلك ، وما بعد مقدمات الشيء إلا حضوره{[59595]} .

ولما كان المجيء من أهوالها تذكرها{[59596]} قبل حلولها للعمل بما يقتضيه التذكر{[59597]} ، وكانت إذا جاءت شاغلة عن كل شيء ، سبب عن مجيئها قوله تعالى : { فأنّى } أي فكيف ومن أين { لهم{[59598]} إذا جاءتهم } أي الساعة وأشراطها المعينة لها{[59599]} مثل طلوع الشمس من مغربها{[59600]} { ذكراهم{[59601]} * } لأنهم في أشغل الشغل ولو{[59602]} فرغوا لما تذكروا فعملوا{[59603]} ما أفاد لفوات وقت الأعمال وشرطها ، وهو العمل على الإيمان بالغيب ، وهكذا ساعة الإنسان التي تخصه وهي{[59604]} موته وأشراطها{[59605]} الحاثة على الذكرى {[59606]}وهو{[59607]} المرض والشيب ونحو ذلك ، ومن أشراطها المعينة لها التي لا{[59608]} ينفع معها العمل الوصول إلى حد الغرغرة .


[59585]:ومن هنا تستأنف نسخة م.
[59586]:زيد من م ومد.
[59587]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: ماذا قال.
[59588]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: ماذا قال.
[59589]:زيد في الأصل: فقال، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59590]:من ظ، وفي الأصل: بالبغتة، وليست الكلمة في م ومد.
[59591]:وقع ما بين الرقمين في الأصل و ظ بعد "للبغتة" والترتيب من م ومد.
[59592]:وقع ما بين الرقمين في الأصل و ظ بعد "للبغتة" والترتيب من م ومد.
[59593]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: العلامات.
[59594]:زيد بعده في الأصل و ظ: وفي هذا إشارة بقوله صلى الله عليه وسلم، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59595]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: حضور انتهى.
[59596]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: تذكرة.
[59597]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: الذكر.
[59598]:زيد في الأصل: من شافع يشفع لهم أو راحم يرحمهم، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59599]:زيد في الأصل: وذلك، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59600]:زيد في الأصل: وما هو مذكور من أشراطها مما تقدم، ولم تكن الزيادة في ظ م ومد فحذفناها.
[59601]:زيد في الأصل: أي، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59602]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: لما.
[59603]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: لعلموا.
[59604]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: هو.
[59605]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: هي.
[59606]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59607]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59608]:زيد من ظ ومد.