ثم قال : { فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة } [ 19 ] .
أي : فهل ينظر هؤلاء المنافقون إلا إتيان الساعة وقيامها عليهم بغتة . " فأن " في موضع نصب بدلا{[63523]} من " الساعة " بدل الاشتمال{[63524]} .
و " بغتة " نصب على المصدر ، أي{[63525]} : تبغتهم بغتة{[63526]} ، وقيل : هي مصدر في موضع الحال ، وحكى أبو عبيد ( أن في بعض مصاحف الكوفيين أن تأتيهم ، على الشرط ){[63527]} ، والجواب : فقد جاء{[63528]} .
وقال أبو جعفر{[63529]} الرواسي قلت لأبي عمرو ما هذه " الفاء " في قوله : { فقد جاءا شراطها } .
فقال : هي جواب للجزاء ، قال : فقلت له : إنها أن تأتيهم ، فقال : معاذ الله{[63530]} إنما هي أن تأتهم{[63531]} . وهذه القراءة تفسر{[63532]} المعنى لو صحت ؛ لأنه يصير المعنى : إنها تأتيهم بغتة ، ويجوز : أن تأتيهم غير بغتة ؛ لأنه بمعنى الشرط والجزاء ، وقد قال الله { لا تأتيهم إلا بغتة }{[63533]} والأمر المحدود الذي لا بد منه ولا يكون غيره ، لا يدخله الشرط ، لأن الشرط إنما يدخل في الموضع الذي يجوز أن يكون ، ويجوز ألا يكون ، ويحسن أن يقع ، ويحسن ألا يقع ، فليس هذا موضعا للشرط البتة ، وجاء قوله : { ينظرون } بمعنى " ينتظرون " {[63534]} وهم لا يؤمنون بالساعة فكيف ينتظرونها ، وإنما ذلك بمعنى{[63535]} الوعيد والتهدد ، كما تقول لمن أصر{[63536]} على الذنوب والكفر : هل تنتظر{[63537]} إلا العذاب{[63538]} ، وكما تقول لعبدك يصر على مخالفتك : هل تنتظر{[63539]} إلا العقوبة ، فالمعنى{[63540]} : هل ينتظرون في الحقيقة عندنا وعند المؤمنين إلا أن تأتيهم الساعة بغتة .
وقوله : { فقد جاءا شرطها } أي : فقد جاء هؤلاء الكفار علاماتها ومقدمتها وآياتها{[63541]} .
قال الحسن : موت النبي عليه السلام{[63542]} من علاماتها ، وقال غيره : بعث النبي من علاماتها ، لأنه نبي بعث{[63543]} لا نبي بعده ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " بعثت أنا والساعة كفرسي رهان " {[63544]} ( وقال أيضا ){[63545]} : " بعثت أنا والساعة كهاتين " . وأشار بالسبابة والوسطى{[63546]} .
ثم قال : { فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم } أي : فمن أي وجه لهؤلاء الكفار{[63547]} تقع{[63548]} الذكرى إذ جاءتهم الساعة بغتة ، أي : ليس ينفعهم ذلك الوقت تذكر ولا ندم{[63549]} ، إذ ليس هو وقت عمل ولا استعتاب ولا تأخر{[63550]} ، فالتقدير{[63551]} : من أين لهم منفعة التذكر والازدجار عن الكفر إذا جاءت الساعة وانقطعت التوبة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.