معاني القرآن للفراء - الفراء  
{فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا ٱلسَّاعَةَ أَن تَأۡتِيَهُم بَغۡتَةٗۖ فَقَدۡ جَآءَ أَشۡرَاطُهَاۚ فَأَنَّىٰ لَهُمۡ إِذَا جَآءَتۡهُمۡ ذِكۡرَىٰهُمۡ} (18)

وقوله : { فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُها } .

( أنْ ) مفتوحة في القراءة كلها . حدثنا الفراء قال : وَحدثني أبو جعفر الرؤاسي قال : قلت لأبى عمرو بن العلاء : ما هذه الفاء التي في قوله : { فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُها } ؟ قال : جواب للجزاء . قال : قلت : إنها { أَنْ تأتيهم } مفتوحة ؟ قال : فقال : معاذ الله إنما هي ( إِنْ تَأْتِهِمْ ) . قال الفراء : فظننت أنه أخذها عن أهل مكة ؛ لأنه عليهم قرأ ، وهي أيضاً في بعض مصاحف الكوفيين : تأتهم بسينة واحدة ، ولم يقرأ بها أحد منهم ، وهو من المكرّر : هل ينظرون إلا الساعة ، هل ينظرون إلا أَن تأتيهم بغتة . والدليل على ذلك أن التي في الزخرف في قراءة عبد الله : { هَلْ يَنْظُرونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتيهم الساعةُ } ، ومثله : { وَلَوْلاَ رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساء مؤمِناتٌ } لولا أن تطْئوهم فإن في موضع رفع عند الفتح ، وأن في الزخرف وههنا نصب مردودة على الساعة ، والجزم جائز تجعل : هل ينظرون إلا الساعة مكتفيا ، ثم تبتدئ : إِن تأتهم ، وتجيئها بالفاء على الجزاء ، والجزم جائز .

وقوله : { فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ } .

«ذكراهم » في موضع رفع بلهم ، والمعنى : فأنى لهم ذكراهم إذا جاءتهم الساعة ؟ ومثله : { يَوْمَئذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسانُ وأنّى لَهُ الذِّكْرَى } أي : ليس ينفعه ذكره ، ولا ندامته .