فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا ٱلسَّاعَةَ أَن تَأۡتِيَهُم بَغۡتَةٗۖ فَقَدۡ جَآءَ أَشۡرَاطُهَاۚ فَأَنَّىٰ لَهُمۡ إِذَا جَآءَتۡهُمۡ ذِكۡرَىٰهُمۡ} (18)

{ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ الساعة } أي القيامة { أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً } أي فجأة ، وفي هذا وعيد للكفار شديد ، وقوله : { أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً } بدل من { الساعة } بدل اشتمال . وقرأ أبو جعفر الرواسي ( إن تأتهم ) ب " إن " الشرطية { فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا } أي أماراتها وعلاماتها ، وكانوا قد قرؤوا في كتبهم أن النبيّ صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء ، فبعثته من أشراطها ، قاله الحسن والضحاك . والأشراط جمع شرط بسكون الراء وفتحها . وقيل : المراد بأشراطها هنا : أسبابها التي هي دون معظمها . وقيل : أراد بعلامات الساعة : انشقاق القمر والدخان ، كذا قال الحسن . وقال الكلبي : كثرة المال ، والتجارة ، وشهادة الزور ، وقطع الأرحام ، وقلة الكرام ، وكثرة اللئام ، ومنه قول أبي زيد الأسود :

فإن كنت قد أزمعت بالصرم بيننا *** فقد جعلت أشراط أوله تبدو

{ فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ } { ذكراهم } مبتدأ ، وخبره { فأنى لهم } : أي أنّى لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة كقوله : { يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنسان وأنى لَهُ الذكرى } [ الفجر : 23 ] و { إذا جاءتهم } اعتراض بين المبتدأ والخبر .

/خ19