الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا ٱلسَّاعَةَ أَن تَأۡتِيَهُم بَغۡتَةٗۖ فَقَدۡ جَآءَ أَشۡرَاطُهَاۚ فَأَنَّىٰ لَهُمۡ إِذَا جَآءَتۡهُمۡ ذِكۡرَىٰهُمۡ} (18)

{ أَن تَأْتِيَهُم } بدل اشتمال من الساعة ، نحو : { أن تطؤهم } من قوله : { رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مؤمنات } [ الفتح : 25 ] ، وقرىء : «أن تأتهم » بالوقف على الساعة واستئناف الشرط ، وهي في مصاحف أهل مكة كذلك :

فإن قلت : فما جزاء الشرط ؟ قلت : قوله [ فأنى لهم ] . ومعناه : إن تأتهم الساعة فكيف لهم ذكراهم ، أي تذكرهم واتعاظهم إذا جاءتهم الساعة ، يعني لا تنفعهم الذكرى حينئذٍ ، كقوله تعالى : { يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنسان وأنى لَهُ الذكرى } [ الفجر : 23 ] .

فإن قلت : بم يتصل قوله : { فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا } على القراءتين ؟ قلت : بإتيان الساعة اتصال العلة بالمعلول ، كقولك : إن أكرمني زيد فأنا حقيق بالإكرام أكرمه . والأشراط : العلامات . قال أبو الأسود :

فَإِنْ كُنْتِ قَدْ أَزْمَعْتِ بِالصَّرْمِ بَيْنَنَا *** فَقَدْ جَعَلَتْ أَشْرَاط أَوَّلِهِ تَبْدُو

وقيل : مبعث محمد خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم وعليهم منها ، وانشقاق القمر ، والدخان . وعن الكلبي : كثرة المال والتجارة ، وشهادة الزور ، وقطع الأرحام ، وقلة الكرام ، وكثرة اللئام . وقرىء : «بَغِتَة » بوزن جَرِبَةَ ، وهي غريبة لم ترد في المصادر أختها ، وهي مروية عن أبي عمرو ، وما أخوفني أن تكون غلطة من الراوي على أبي عمرو ، وأن يكون الصواب : بغتة ، بفتح العين من غير تشديد ، كقراءة الحسن فيما تقدم .