صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡأٓزِفَةِ إِذِ ٱلۡقُلُوبُ لَدَى ٱلۡحَنَاجِرِ كَٰظِمِينَۚ مَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ} (18)

{ وأنذرهم هم الآزفة } يوم القيامة . وأصل معنى الآزفة : القريبة ؛ من أزف الرحيل – كفرح – أزفا وأزوفا : دنا وقرب ؛ ثم جعلت اسما للقيامة لقربها بالإضافة إلى ما مضى من عمر الدنيا أو لما بقي .

{ إذ القلوب لدى الحناجر } إذ قلوبهم مرتفعة عن مواضعها من صدورهم ، متشبثة بحلوقهم . والحناجر : جمع حنجور أو حنجرة ، وهي الحلقوم . { كاظمين } ممسكين عليها لا تخرج مع أنفاسهم ؛ كما يمسك صاحب القربة فمها لئلا يهراق الماء [ آية 134 آل عمران ص 125 ] . وهو كناية عن شدة الفزع وفرط الغم . { وما للظالمين من حميم } قريب مشفق . يقال : احتم فلان لفلان ، أي احتد ؛ فكأنه الذي يحتد حماية لذويه . ومنه قيل لخاصة الرجل : حامته ؛ ولذا فسر الحميم بالصديق .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡأٓزِفَةِ إِذِ ٱلۡقُلُوبُ لَدَى ٱلۡحَنَاجِرِ كَٰظِمِينَۚ مَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ} (18)

{ 18 - 20 } { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ * يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ * وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }

يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ } أي : يوم القيامة التي قد أزفت وقربت ، وآن الوصول إلى أهوالها وقلاقلها وزلازلها ، { إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ } أي : قد ارتفعت وبقيت أفئدتهم هواء ، ووصلت القلوب من الروع والكرب إلى الحناجر ، شاخصة أبصارهم . { كَاظِمِينَ } لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا وكاظمين على ما في قلوبهم من الروع الشديد والمزعجات الهائلة .

{ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ } أي : قريب ولا صاحب ، { وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ } لأن الشفعاء لا يشفعون في الظالم نفسه بالشرك ، ولو قدرت شفاعتهم ، فالله تعالى لا يرضى شفاعتهم ، فلا يقبلها .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡأٓزِفَةِ إِذِ ٱلۡقُلُوبُ لَدَى ٱلۡحَنَاجِرِ كَٰظِمِينَۚ مَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ} (18)

{ وأنذرهم يوم الآزفة } خوفهم بيوم القيامة والآزفة القريبة { إذ القلوب لدى الحناجر } وذلك أن القلوب ترتفع من الفزع إلى الحناجر { كاظمين } ممتلئين غما وخوفا وحزنا { ما للظالمين } أي الكافرين { من حميم } قريب { ولا شفيع يطاع } فيشفع فيهم

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡأٓزِفَةِ إِذِ ٱلۡقُلُوبُ لَدَى ٱلۡحَنَاجِرِ كَٰظِمِينَۚ مَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ} (18)

{ يوم الآزفة } يعني : القيامة ومعناه : القريبة .

{ إذ القلوب لدى الحناجر } معناه أن القلوب قد صعدت من الصدور لشدة الخوف حتى بلغت الحناجر فيحتمل أن يكون ذلك حقيقة أو مجازا عبر به عن شدة الخوف والحناجر جمع حنجرة وهي الحلق .

{ كاظمين } أي : محزونين حزنا شديدا كقوله : { فهو كظيم } [ يوسف : 84 ] وقيل : معناه يكظمون حزنهم أي : يطمعون أن يخفوه والحال تغلبهم وانتصابه على الحال من أصحاب القلوب لأن معناه : قلوب الناس أو من المفعول في أنذرهم أو من القلوب وجمعها جمع المذكر لما وصفها بالكظم الذي هو من أفعال العقلاء .

{ ما للظالمين من حميم } أي : صديق مشفق .

{ ولا شفيع يطاع } يحتمل أن يكون نفي الشفاعة وطاعة الشفيع أو نفي طاعة الشفيع خاصة ، كقولك : ما جاءني رجل صالح فنفيت الصلاح وإن كان قد جاءك رجل غير صالح ، والأول أحسن لأن الكفار ليس لهم من يشفع فيهم .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡأٓزِفَةِ إِذِ ٱلۡقُلُوبُ لَدَى ٱلۡحَنَاجِرِ كَٰظِمِينَۚ مَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ} (18)

ولما تم هذا على هذا الوجه المهول ، وكان يوم القيامة له أسماء تدل على أهواله باعتبار مواقفه وأحواله ، منها يوم البعث وهو ظاهر ، ومنها يوم التلاق لما تقدم ، ومنها يوم التغابن لغبن أكثر من فيه خسارته ، ومنها يوم الآزفة لقربه وسرعة أخذه ، وكان كأنه قيل خطاباً للنبي صلى الله عليه وسلم : وأمن ممن ألقينا إليك هذا الروح الأعظم من أمرنا فأنذرهم ما مضى من يوم التلاقي وما عقبناه به ، عطف عليه قوله زيادة في بيان هوله إعلاماً بأنه مع ثبوته وثبوت التلاقي فيه قريب تحذيراً من تزيين إبليس للشهوات وتقريره بالتسويف بالتوبة : { وأنذرهم } أي هؤلاء المعرضين إعراض من لا يجوز الممكن { يوم الآزفة } أي الحالة الدائبة العاجلة السريعة جداً مع الضيق في الوقت وسوء العيش لأكثر الناس ، وهي القيامة ، كرر ذكرها وذكر الإنذار منها تصريحاً وتلويحاً تهويلاً لها وتعظيماً لشأنها .

ولما ذكر اليوم ، هول أمره بما يحصل فيه من المشاق فقال : { إذ القلوب } أي من كل من حضره . ولما كان هذا الرعب على وجه غريب باطن ، عبر ب " لدى " فقال : { لدى الحناجر } أي حناجر المجموعين فيه إلا من شاء الله ، وهي جمع حنجور وهي الحلقوم وزناً ومعنى ، يعني أنها زالت عن أمكانها صاعدة من كثرة الرعب حتى كادت تخرج وصارت مواضعها من الأفئدة هواء ، وكانت الأفئدة معترضة كالشجا لا هي ترجع إلى مقارها فيستريحوا ولا تخرج فيموتوا .

ولما كان الحديث - وإن كان في الظاهر عن القلوب - إنما هو عن أصحابها ، جمع على طريقة جمع العقلاء ، وزاده حسناً أن القلوب محل الكظم ، وبها صلاح الجملة وفسادها ، وقد أسند إليها ما يسند للعقلاء فقال : { كاظمين } أي ممتلئين خوفاً ورعباً وحزناً ، ساكتين مكروبين ، قد انسدت مجاري أنفاسهم وأخذ بجميع إحساسهم . ولما كان من المعلوم أن ذلك الكرب إنما هو للخوف من ديان ذلك اليوم ، وكان من المعهود أن الصداقات تنفع في مثل ذلك اليوم والشفاعات ، قال مستأنفاً : { ما للظالمين } أي العريقين في الظلم منهم { من حميم } أي قريب صادق في مودتهم مهتم بأمورهم مزيل لكروبهم ، قال ابن برجان : والحميم : الماء الحار الناهي في الحرارة ، سمي القريب به لأنه يحمي لقريبه غضباً ، والغضب حرارة تعرض في القلب تخرج إلى الوجه فيحمر وتنتفخ الأوداج فيستشيط غيظاً { ولا شفيع يطاع * } أي ليس لهم شفيع أصلاً لأن الشفيع يعلم أنه لو شفع ما أطيع فهو لا ينفع ، وقد يشفع في بعضهم بعض المقربين لعلامة فيهم يحصل بها اشتباه يظن بهم أنهم ممن يستحق الشفاعة فينبه على أنهم ليسوا بذلك ، فيبرأ منهم .