الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡأٓزِفَةِ إِذِ ٱلۡقُلُوبُ لَدَى ٱلۡحَنَاجِرِ كَٰظِمِينَۚ مَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ} (18)

{ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الأَزِفَةِ } أي بيوم القيامة ، سمّيت بذلك لأنها قريبة ، إذ كل ماهو آت قريب .

قال النابغة :

أزف الترحل غير أن ركابنا *** لمّا تزل برحالنا وكأن قد

أي : قَرُب ، ونظيرها هذه الآية قوله تعالى :

{ أَزِفَتِ الآزِفَةُ } [ النجم : 57 ] أيّ قربت القيامة .

{ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ } من الخوف قد زالت وشخصت من صدورهم ، فتعلقت بحلوقهم فلا هي تعود إلى أماكنها ولا هي تخرج من أفواههم فيموتوا فليسوا سواء نظيره قوله :

{ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } [ إبراهيم : 43 ] { كَاظِمِينَ } مكروبين ممتلئين خوفاً وحزناً ، والكاظم الممسك للشيء على مافيه ، ومنه كظم قربته إذا شد رأسها ، فهم قد أطبقوا أفواههم على مافي قلوبهم من شدة الخوف ، والكظم تردد الغيظ والخوف والحزن في القلب حين يضيق به .

يقول العرب للبئر الضيقة وللسقاية المملؤة : ماء كظامة وكاظمة ، ومنه الحديث : كيف بكم [ إذا ] بعجت مكة كظائم .

قال الشاعر :

يخرجن من كاظمة العصن الغرب *** يحملن عبّاس بن عبد المطلب

ونصب كاظمين على الحال والقطع .

{ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ } قريب وصديق ، ومنه قيل للأقرباء والخاصة حامّة { وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ } فيشفع فيهم