تفسير ابن أبي زمنين - ابن أبي زمنين  
{وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡأٓزِفَةِ إِذِ ٱلۡقُلُوبُ لَدَى ٱلۡحَنَاجِرِ كَٰظِمِينَۚ مَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ} (18)

{ وأنذرهم يوم الآزفة } يعني : القيامة { إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين } قال قتادة : انتزعت القلوب فغصت بها الحناجر ، فلا هي تخرج ولا هي ترجع إلى أماكنها .

يحيى : عن أبان بن أبي عياش ، عن أبي العالية الرياحي ، عن أبي بن كعب قال : ( يجيء الرب -تبارك وتعالى- يوم القيامة في ملائكة السماء السابعة ، لا يعلم عددهم إلا الله ، فيؤتى بالجنة مفتحة أبوابها يراها كل بر وفاجر ، عليها ملائكة الرحمة حتى توضع عن يمين العرش ، فيوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام . قال : ويؤتى بالنار تقاد بسبعين ألف زمام يقود كل زمام سبعون ألف ملك ( مفتحة ) أبوابها ، عليها ملائكة سود ، معهم السلاسل الطوال ، والأنكال الثقال وسرابيل القطران ، ومقطعات النيران ، لأعينهم لمع كالبرق ، ولوجوههم لهب كالنار ، شاخصة أبصارهم ، لا ينظرون إلى ذي العرش [ تعظيما له ] فإذا دنت النار فكان بينها وبين الخلائق مسيرة خمسمائة سنة زفرت زفرة ، فلا يبقى أحد إلا جثا على ركبته ، وأخذته الرعدة وصار قلبه متعلقا في حنجرته لا يخرج ولا يرجع إلى مكانه ، وذلك قوله { إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين } وينادي إبراهيم : رب لا تهلكني بخطيئتي ! وينادي نوح ويونس ، وتوضع النار عن يسار العرش ، ثم يؤتى بالميزان فيوضع بين يدي الجبار ، ثم يدعى الخلائق للحساب{[1186]} .

قال محمد : إنما قيل للقيامة : آزفة ؛ لأنها قريبة وإن استبعد الناس مداها . يقال : أزفت تأزف أزفا ، وقد أزف الأمر إذا قرب ، وكاظمين منصوب على الحال ، وأصل الكظم : الحبس .

{ ما للظالمين } للمشركين { من حميم } أي : شفيق يحمل عنهم من ذنوبهم شيئا { ولا شفيع يطاع( 18 ) } أي : لا يشفع لهم أحد ؛ إنما الشفاعة للمؤمنين .


[1186]:انظر: زاد المسير (7/213) والقرطبي (15/302) والدر المنثور (5/348)، والطبري (19/89).