مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡأٓزِفَةِ إِذِ ٱلۡقُلُوبُ لَدَى ٱلۡحَنَاجِرِ كَٰظِمِينَۚ مَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ} (18)

{ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزفة } أي القيامة سميت بها لأزوفها أي لقربها ، ويبدل من يوم الآزفة { إِذِ القلوب لَدَى الحناجر } أي التراقي يعني ترتفع قلوبهم عن مقارها فتلصق بحناجرهم فلا هي تخرج فيموتوا ولا ترجع إلى مواضعها فيتنفسوا ويتروّحوا { كاظمين } ممسكين بحناجرهم . من كظم القربة شد رأسها ، وهو حال من القلوب محمول على أصحابها ، أو إنما جمع الكاظم جمع السلامة لأنه وصفها بالكظم الذي هو من أفعال العقلاء { مَا للظالمين } الكافرين { مِنْ حَمِيمٍ } محب مشفق { وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ } أي يشفع وهو مجاز عن الطاعة ، لأن الطاعة حقيقة لا تكون إلا لمن فوقك ، والمراد نفي الشفاعة والطاعة كما في قوله :

ولا ترى الضب بها ينجحر . . . يريد نفي الضب وانجحاره ، وإن احتمل اللفظ انتفاء الطاعة دون الشفاعة ، فعن الحسن : والله ما يكون لهم شفيع البتة .