قوله : ( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً ) الآية( {[974]} ) [ 16 ] .
معناه( {[975]} ) مثل هؤلاء المنافقين في حقنهم دماءهم بما أظهروا من الإيمان وَسِتْرِهم على غير( {[976]} ) ذلك ، كمثل الذي استوقد ناراً( {[977]} ) ، فلما أضاءت ما حوله ، ذهب الله بنورهم . فضياء ما حولهم هو ما حقن إقرارهم من دمائهم ومنع من( {[978]} ) أموالهم في الدنيا .
وقوله : ( ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ )[ 16 ] .
هو ما يجدون يوم القيامة من عدم نورهم لأنهم لا ينتفعون بما أظهروا من الإيمان( {[979]} ) إذ كان( {[980]} ) باطنهم خلاف [ ما أظهروا ]( {[981]} ) .
وقوله : ( اسْتَوْقَدَ نَاراً )[ 16 ] . أي استوقدها من غيره .
وقيل : معناه : أوقد ، أي أوقدها هو .
واستفعل في كلام العرب يأتي على وجهين :
- يكون بمعنى استدعى الفعل من غيره نحو قوله :
( وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ( {[982]} ) )( {[983]} ) . أي استدعى أن يسقوا( {[984]} ) .
- ويكون بمعنى فعل( {[985]} ) ، نحو قوله : ( وَاسْتَغْنَى اللَّهُ )( {[986]} ) فلم يستدع غني من واحد ، وبعده : وَاللَّهُ غَنِيٌّ )( {[987]} ) يدل على ذلك .
و " ما " في قوله : ( أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ) في موضع نصب بِ " أَضَاءَتْ " .
وقيل : هي زائدة/ لا موضع لها من الإعراب( {[988]} ) . والمعنى : " فلما أضاءت النار( {[989]} ) ، الموضع الذي بحوله . " فما " غير زائدة( {[990]} ) .
قال قتادة : " هي لا إله إلا الله ، قالوها بأفواههم فَسَلِمُوا بها من القتل حتى إذا ماتوا ذهب الله بنورهم( {[991]} ) " .
قال مجاهد : " هو إقبالهم على المؤمنين والهدى . وذهاب النور ، هو( {[992]} ) إقبالهم على( {[993]} ) الكفار( {[994]} ) .
وقيل : ذهب الله بنورهم ، أي أظهر المؤمنين على ما أبطنوا من الكفر والنفاق .
فبعد أن كان لهم عند المؤمنين نور بما أظهروا من الإيمان صاروا لا نور لهم عندهم ، لما أعلمهم( {[995]} ) به من سوءا أبطنوا .
والقول الأول عليه أكثر المفسرين ؛ أن ذهاب نورهم إنما يكون يوم القيامة وهو الذي ذكره الله في قوله : ( يَوْمَ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالمُنَافِقَاتُ لِلذِينَ ءَامَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ )( {[996]} )( {[997]} ) .
والهاء والميم تعود على " الذي " لأنه بمعنى " الذين كما قال : ( وَالذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلاَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ )( {[998]} ) . وفي هذا اختلاف ستراه في موضعه إن شاء الله( {[999]} ) .
إنَّ الَّذي حَانَتْ( {[1000]} ) بِفَلْجٍ دِمَاؤُهُمْ هُمُ الْقَوْمُ كُلَّ الْقَوْمِ يَا وأُمَّ خَالِدِ( {[1001]} ) .
وقيل : تعود على المنافقين المتقدمي الذكر .
وجواب " لما " محذوف تقديره : فلما أضاءت ما حوله طفئت ، ذهب الله بنورهم .
قوله( {[1002]} ) : ( وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ )( {[1003]} ) [ 16 ] .
هذا تمثيل للكفر الذي هم فيه يسيرون .
وقيل : هو شيء يكون في الآخرة وهو قوله : ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ )( {[1004]} )( {[1005]} ) .
فظلمات جمع ظلمة ، ويجوز إسكان( {[1006]} ) اللام من " ظلمات " استخفافاً ، ومن العرب من يبدل من الضمة فتحة ، فيقول ظُلُمَاتٌ( {[1007]} ) .
وقال الكسائي : " من قال : ظُلُمَات( {[1008]} ) بفتح اللام فهو جمع " ظُلَم " ، و " ظُلَم " جمع " ظُلْمَة " ( {[1009]} ) . ولا يجوز الفتح في مثل هذا الحرف الثاني مما لامه واو( {[1010]} ) ونحو خطوات . إنما/ يجوز الإسكان لا غير . فإن كان اللام ياء لم يجز فيه إلا الإسكان نحو [ كُلْيَةٍ وَكُلْيَاتٍ( {[1011]} ) ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.