فلما علم ذلك كله وكانت الأمثال ألصق بالبال وأكشف للأحوال مثل حالهم في هداهم الذي باعوه بالضلالة بالأمور المحسوسة ، لأن للتمثيل بها شأناًعظيماً في إيصال المعاني حتى إلى الأذهان الجامدة وتقريرها فيها بقوله تعالى { مثلهم{[765]} } أي في حالهم هذه التي طلبوا أن يعيشوا بها { كمثل الذي استوقد ناراً }{[766]} أي طلب أن توقد له وهي هداه ليسير في نورها ، وأصلها من نار إذا نفر لتحركها واضطرابها ، فوقدت وأنارت .
{ فلما أضاءت } أي{[767]} النار ، وأفرد الضمير باعتبار لفظ " الذي " فقال : { ما حوله } وأراد أن ينتفع بها في إبصار ما يريد ، وهو كناية عما حصل لهم من الأمنة بما قالوه من كلمة الإسلام من غير اعتقاد { ذهب الله } الذي له كمال العلم والقدرة ، وجمع الضمير نظراً إلى المعنى لئلا يتوهم أن بعضهم انتفع دون بعض بعد أن أفرده تقليلاً للنور وإن كان قوياً في أوله لانطفائه في آخره فقال : { بنورهم }{[768]} أي الذي نشأ من تلك النار بإطفائه لها ولا نور لهم سواه ؛ ولم يقل : بضوئهم ، لئلا يتوهم أن المذهوب به الزيادة فقط ، لأن الضوء أعظم من مطلق النور
{ هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً }{[769]} [ يونس : 5 ] فذهب نورهم وبقيت نارهم ليجتمع عليهم حرّها مع حر الفقد لما ينفعهم من النور ، وعبر{[770]} بالإضاءة أولاً إشارة إلى قوة أولهم وانمحاق آخرهم ، لأن محط حالهم الباطل والباطل له صولة ثم تضمحل عند من ثبت لها ليتبين{[771]} الصادق من الكاذب ، وعبر بالذهاب به{[772]} دون إذهابه ليدل نصاً على أنه سبحانه ليس معهم وحقق ذلك{[773]} بالتعبير عن صيّر بترك{[774]} فقال : { وتركهم في ظلمات } أي بالضلالة{[775]} من قلوبهم وأبصارهم وليلهم أي ظلمات لا ينفذ{[776]} فيها بصر ، فلذا كانت نتيجته { لا يبصرون }{[777]} أي لا إبصار لهم أصلاً{[778]} ببصر ولا بصيرة . {[779]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.